للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. ويجدر بنا أن نشير إلى نصوص لبعض العلماء تؤكد الذى قلناه فى معنى البيان الوارد فى الآية التى استشهدوا بها يقول الإمام الشاطبى (١) : "تعريف القرآن بالأحكام الشرعية أكثره كلى لا جزئى، وحيث جاء جزئياً فمأخذه على الكلية، إما بالاعتبار أو بمعنى الأصل، إلا ما خصه الدليل مثل خصائص النبى صلى الله عليه وسلم. ويدل على هذا المعنى - بعد الاستقراء المعتبر - أنه محتاج إلى كثير من البيان، فإن السنة على كثرتها وكثرة مسائلها إنما هى بيان للكتاب كما سيأتى شرحه إن شاء الله تعالى.

... وقد قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (٢) وإذا كان الأمر كذلك فالقرآن على اختصاره جامع، ولا يكون جامعاً إلا والمجموع فيه أمور كليات لأن الشريعة تمت بتمام نزوله؛ لقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (٣) وأنت تعلم أن الصلاة والزكاة والجهاد وأشباه ذلك لم يتبين جميع أحكامها فى القرآن، إنما بينتها السنة، وكذا تفاصيل الشريعة من الأنكحة والعقود والقصاص والحدود، وغير ذلك.


(١) الإمام الشاطبى: هو أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الغرناطى الشهير بالشاطبى، العلامة المؤلف النظار المفسر الأصولى اللغوى المحدث الورع الزاهد، له تأليف نفيسة منها: الموافقات فى أصول الفقه، والاعتصام فى الحوادث والبدع، توفى سنة٧٩٠هـ. له ترجمة فى: شجرة النور الزكية محمد مخلوف ص ٢٣١ رقم ٨٢٨، والمجددون فى الإسلام عبد المتعال الصعيدى ص ٣٠٥، والفتح المبين عبد الله المراغى ٢/٢٠٤، وأصول الفقه تاريخه ورجاله للدكتور شعبان إسماعيل ص ٣٨٤.
(٢) الآية ٤٤ من سورة النحل.
(٣) جزء من الآية ٣ من سورة المائدة.

<<  <   >  >>