للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- وقال تعالى: {عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءَانَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} (١) . فإنه نص صريح يدل على أن الله قد تكفل بحفظ السنة على وجه الأصالة والاستقلال لا على طريق اللزوم والتتبع؛ لأنه تكفل فيه ببيان القرآن فى قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} . أى بيان القرآن، والبيان كما يكون للنبى صلى الله عليه وسلم يكون لأمته من بعده. وهو يكون للنبى صلى الله عليه وسلم بالإيحاء به إليه ليبلغه للناس، وهو المراد فى الآية السابقة: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (٢) وقوله تعالى: {أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ} (٣) فالسنة النبوية على هذا منزلة من عند الله عز وجل (بوحى غير متلو) وفى هذا رد على ما زعمه الدكتور إسماعيل منصور؛ بأن البيان للذكر لم ينزل مع الذكر (القرآن) وإلا لكان النص على نحو: "وأنزلنا إليك الذكر وبيانه" (٤) . ويكون البيان للأمة من بعده صلى الله عليه وسلم بحفظ السنة التى بلغهم النبى صلى الله عليه وسلم إياها.

... ولو شغب مشاغب بأن هذا الخطاب:"عَلَيْنَا بَيَانَهُ" متوجه إلى الله عز وجل فقط دون الأمة وإلا قال عز وجل:"عليكم بيانه" لما أمكنه هذا الشغب فى قوله عز وجل: {عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءَانَهُ} فمن الذى جمع القرآن الكريم؟! الله عز وجل بذاته المقدسة؟ أم قيض لذلك رجالاً من خلقه وعلى رأسهم من أنزل عليه صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام فمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؟!


(١) الآيات ١٧-١٩ من سورة القيامة.
(٢) الآية ٤٤ من سورة النحل.
(٣) الآية ٦٤ من سورة النحل.
(٤) تبصير الأمة بحقيقة السنة ص ٢٦٠.

<<  <   >  >>