للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: "إن للحديث ضوءًا كضوء النهار تعرفه، وظلمة كظلمة الليل تنكرة" (١) .

يقول الأستاذ يحيي المعلمي اليماني: "وعلى فرض صحة الخبر، فلا سبيل إلى أن يفهم منه ما تدفعه القواطع، فمن المقطوع به، أن معارف الناس وآراءهم وأهواءهم تختلف اختلافًا شديدًا، وأن هناك أحاديث كثيرة، تقبلها قلوب، وتنكرها قلوب. وبهذا يعلم أن ما يعرض للسامع من قبول واستبشار، أو نفور واستنكار. قد يكون حيث ينبغي، وقد يكون حيث لاينبغي، وأنما هذا _ والله أعلم _ إرشاد إلى ما يستقبل به الخير عند سماعه، وقد يكون منشأ ذلك: أن المنافقين كانوا يرجفون بالمدينة ويشيعون الباطل، فقد يشيعون ما إذا سمعه المسملون، وظنوا صدقه ارتابوا في الدين، أو ظنوا السوء برسول الله، فأرشدوا إلى ما يدفع عنهم بادرة الارتياب، وظن السوء، ومع العلم بأن بادى الظن ليس بحجة شرعية، عليهم النظر والتدبر، والأخذ بالحجج المعروفة (٢) .

وبعد

فهذا قول أهل العلم في حديث: "إذا حدثتم عني بحديث تعرفونه ولا تنكرونه ... إلخ" وشواهده وتبين لنا أنه لا حجة فيه لأعداء السنة وفي منهجهم بعرض السنة على العقل حيث الحكم عليها بالقبول أو الرفض.

ونقول أيضًا في بيان تهافت وبطلان شبهة: "عرض السنة على العقل" سائلين القائلين بها:

l أيهما الحاكم على الآخر النقل أم العقل؟

l ما أراد بالعقل الصريح الذي ترددونه؟ وما حدوده؟ وما مدى الاتفاق عليه؟

l وهل يتعارض النقل مع العقل؟ وإذا تعرضا فأيهما أحق التقديم؟

وأخيرًا هل أهمل المحدثون _ حقًا _ العقل في قبولهم للحديث وتصحيحه كما تدعون؟

الجواب

إننا إذا نظرنا في كتب الأصول نجد الإجابة على السؤال الأول أيهما الحاكم على الآخر النقل أم العقل؟

فعند أهل الأصول العلم بالأحكام (الحكم، والحاكم، والمحكوم عليه، والمحكوم فيه) هو القطب الأول من الأقطاب الأربعة التى تندرج تحتها أصول الفقه، من هنا كان لابد من تعريف الحكم حيث له تعلق بالحاكم، والمحكوم عليه، والمحكوم فيه.


(١) الموضوعات لابن الجوزي ١/ ١٠٣، والكفاية ص ٦٠٥.
(٢) الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني ص ٢٨٢ هامش.

<<  <   >  >>