للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومروان خليفات (١) في كتابه (وركبت السفينة) (٢) وغيرهم من أعداء السنة (٣) .

واتفق المستشرقون مع الشيعة في عدم صحة النهى عن كتابة السنة في أول الأمر في عهد النبوة المباركة، بناءً على رأيهم في السنة النبوية بأنها وضعت على النبي صلى الله عليه وسلم. ونسبت إليه، مما هي إلا نتيجة للتطور الديني، والسياسي، والاجتماعي للمسلمين (٤) .

وقد تزعم هذه الفرية صنمهم الأكبر "جولدتسيهر"، والذي ذهب إلى أن الأحاديث الواردة في النهى عن كتابة السنة، والأحاديث الأخرى التى تحث على كتابتها، ما هي إلا أثر من آثار تسابق أهل الحديث في جانب وأهل الرأى في جانب آخر، إلى وضع الأقوال المؤيدة لنزعيتهم المتناقضتين. فأهل الحديث يذهبون إلى كتابة السنة؛ لتكون دليلاً على صحتها والاحتجاج بها. فيقول: " إن الجميع متفقون على أنه لا يمكن إنكار أن تدوين الأحاديث كان له خصوم، وهذه الكراهية للكتابة لم تكن موجودة منذ البداية، ولكنها نشأت بسبب التحامل الذي ظهر فيما بعد (٥) ويقول في موضع آخر: " وفي هذا الموضوع هنالك مجموعتان من الآراء في حالة تناقض، ولكي نبين ذلك لابد لنا من الرجوع إلى حقب زمنية مبكرة من هذا النزاع.

وللفريقين آراؤهما الخاصة، وقد سيقت في صورة أحاديث نبوية، فيروى أحد الفريقين قول النبي صلى الله عليه وسلم.: "لا تكتبوا عنى شيئًا سوى القرآن، ومن كتب شيئًا فليمحه" (٦) بينما يروى ابن جريج من الفريق الثاني حديثًا عن ابن عمرو؛ أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم.: "هل أقيد العلم؟ " فوافقه النبي صلى الله عليه وسلم. على ذلك، وعندما سئل عن معنى تقييده أجاب بأنها الكتابة (٧)


(١) مروان خليفات: كاتب سورى معاصر حصل على العالية (الليسانس) من كلية الشريعة بسوريا، تشيع وغالي في تشيعه من مؤلفاته: وركبت السفينة.
(٢) وركبت السفينة ص ١٧٣ _ ١٨٠.
(٣) مثل محمود أبو رية القائل عقب حديث (لاتكتبوا عنى.. إلخ) هذا الحديث الذي بنينا عليه كتابنا هذا، انظر: أضواء على السنة ص ٣٤، وانظر: ممن قال بهذه الشبهة حسين الدركاهي الرافضي في مقدمة كتاب كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين لابن المطهر الحليى.
(٤) سيأتى تفصيل تلك الشبهة والرد عليها في شبهة التأخر في تدوين السنة ص ٣٤٦-٣٧٤.
(٥) دراسات محمدية ترجمة الأستاذ الصديق بشير نقلاً عن مجلة كلية الدعوة بليبيا، العدد ١٠، ص ٥٦٦.
(٦) سيأتى تخريجه انظر: ص ٢٧١.
(٧) أخرجه الحاكم في المستدرك كتاب العلم ١/ ١٨٨ رقم ٣٦٢، وانتقده الذهبي بأن فيه ابن المؤمل ضعيف، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ١/ ١٥٢، وعزاه للطبراني في الكبير والأوسط، وفيه عبد الله بن المؤمل وثقه ابن معين وابن حبان، وقال ابن سعد: ثقة قليل الحديث، وقال الإمام أحمد: أحاديثه مناكير. والحديث أخرجه الخطيب في تقييد العلم ص ٦٨، والمحدث الفاصل ص ٣٦٤.

<<  <   >  >>