للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. وأخبرنى بربك: إذا لم يكن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة، فعلام هذا التحذير من الأحاديث المكذوبة عنه؟ ولم يحصل بها الضلال والفتنة؟

ولو كان المقصود من التحديث بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مجرد التسلية واللهو كرواية الأشعار وأخبار العرب وغيرهم أفلا يستوى الصادق منها والكاذب فى هذا المعنى؟

ولو كان هناك فرق بينهما أفيستحق هذا الفرق التحذير الشديد من الضلال والفتنة؟ كلا.

... وبالجملة: فكل ما نقلناه لك من هذه الأحاديث ونحوها يؤيد ما قلناه من حجية السنة، وهو بمثابة التصريح من الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك عند من له سمع يسمع وعقل يدرك، وهو فى الوقت نفسه صريح فى رغبته صلى الله عليه وسلم فى نقل السنة والمحافظة عليها. فكيف مع هذا كله يزعم زاعم بأن نهيه عن كتابتها دليل على رغبته فى عدم نقلها والمحافظة عليها وعلى عدم حجيتها {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٥٢) وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ} (١) .

... قلت: بل كيف مع هذا يصح زعم زاعم أن نهيه صلى الله عليه وسلم عن الكتابة ناسخ للإذن كما ذهب إلى ذلك الأستاذ محمد رشيد رضا (٢) ، وتابعه على ذلك محمود أبو رية (٣) ، وجمال البنا (٤) وغيرهم.


(١) الآيتان ٥٢،٥٣ من سورة الروم، وانظر: حجية السنة للدكتور عبد الغنى عبد الخالق ص٤٢٤ - ٤٢٦ بتصرف.
(٢) مجلة المنار المجلد١٠/٧٦٧،٧٦٨،ووجهة نظر رشيد رضا فىهذا الأمر لم تجد التأييد الكافى حتىمن تلاميذه، ومنهم محمد الخولى أيد أئمة الحديث فى أن النهى سبق الجواز-انظر: مفتاح السنة ص١٦
(٣) أضواء على السنة ٤٨.
(٤) الأصلان العظيمان ٢٦٨ - ٢٧٥ والسنة ودورها فى الفقه الجديد ص ١٩٨.

<<  <   >  >>