للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. وإذا كان الإكثار من التحديث مظنة الخطأ بخلاف الإقلال، فالضبط فيه أكثر، فإن هذا لا يمنع من وجود بعض المكثرين المتميزين بالاتقان والدقة مع إكثارهم كأبى هريرة رضي الله عنه ولذلك أذن له عمر-وهو أشهر المتشددين-بالرواية لثقته بتثبته وأمانته يدل على ذلك قول أبى هريرة: بلغ عمر حديثى فأرسل إلىَّ فقال: "كنت معنا يوم كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيت فلان"؟ قال: قلت نعم، وقد علمت لِمَ تسألنى عن ذلك؟ قال: ولم سألتك؟ قلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ: "من كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار، قال: أما إذا فاذهب فحدث" (١) .

... وما أنكر عليه عمر، إنما كان من حديثه عن "الأول" (٢) ، أى أهل الكتاب، أو الحديث عن بدء الخليقة، ونحوه مما لا يترتب عليه عمل (٣) . ولهذا الأمر نفسه كان نهى عمر لكعب الأحبار -رحمه الله-.

... فبطل بذلك ما ادعاه محمود أبو رية، وعبد الحسين شرف الدين، من مفتريات على أبى هريرة من أن عمر رضي الله عنه ضربه بالدرة على إكثاره (٤) . وأن أبا هريرة لم يكن له شأن زمن النبوة ... ولم يستطع أن يفتح فاه بحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم إلا بعد موت عمر (٥) .


(١) البداية والنهاية ٨/١٠٧، وسير أعلام النبلاء ٢/٤٣٤.
(٢) بترها مروان خليفات فى كتابه وركبت السفينة ص ١٧٥.
(٣) الإحكام لابن حزم ٢/٢٦٦.
(٤) شيخ المضيرة لمحمود أبو رية ص١١٢، وأبو هريرة لعبد الحسين شرف الدين ص ١٩٧.
(٥) شيخ المضيرة ص ١١٧.

<<  <   >  >>