للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. وهذا من أسباب ترك التحديث عن الرسولصلى الله عليه وسلمكما قال ابن عباس-رضى الله عنهما- "إنا كنا نحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لم يكن يكذب عليه. فلما ركب الناس الصعب والذلول تركنا الحديث عنه وهذا أيضاً ما جعل الصحابة - رضي الله عنهم - يأخذون من أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم إلا ما كان معروفاً زمن أبى بكر وعمر -رضى الله عنهما- كما جاء من قول عثمان ومعاوية -رضى الله عنهما- حيث كان التثبت والاحتياط وعدم الكذب فى زمانهما، فلما ركب الناس الصعب والذلول لم يأخذ من الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما يعرف، كما قال ابن عباس -رضى الله عنهما-:"إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلاً يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدرته أبصارنا. وأصغينا إليه بآذاننا فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف" (١) .

وعلى الدرب الصحابة صار من بعدهم:

فعن الشعبى -رحمه الله- قال: "كره الصالحون الأولون الإكثار من الحديث، ولو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما حدثت إلا بما أجمع عليه أهل الحديث (٢) .

فقوم يحتاطون لسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم كما أمرهم، أتكون تلك الحيطة دليل على عظم شأن السنة فى نفوسهم، وحجيتها، أم دليل على عدم حجيتها، واتخاذها ديناً عاماً دائماً كالقرآن؟


(١) الأحاديث والآثار السابقة أخرجها مسلم فى صحيحه (بشرح النووى) المقدمة، باب النهى عن الرواية عن الضعفاء والاحتياط فى تحملها ١/١١١، ١١٢ رقمى ٦،٧ وفى هذا المعنى حديث موقوف على معاذ بن جبل رضي الله عنه. أخرجه الدارمى فى سننه المقدمة، باب تغير الزمان وما يحدث فيه ١/٧٧ رقم ١٩٩.
(٢) تذكرة الحفاظ ١/٨٣.

<<  <   >  >>