للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. أو يكون النهى متعلقاً بالأحاديث عن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس أحاديث السنن والفرائض كما قال الحافظ الدارمى معناه عندى: "الحديث عن أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس السنن والفرائض" (١) .

... ويؤكد هذا قول عمر رضي الله عنه: "أقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا فيما يعمل به" (٢) أى أقلوا الرواية إلا فيما يترتب عليه عمل شرعى، فيدخل فى ذلك جميع الأحكام والآداب وغيرها، ولا يخرج إلا القصص ونحوه، فاستحب رضي الله عنه الإقلال من القصص ونحوه، ولم يمنع من الإكثار فيما فيه عمل. أما تعليق محمود أبو رية على هذا الأثر وقوله: "فيما يعمل به" أى أى السنة العملية" (٣) .

فإن أراد السنة العملية المتواترة، فلا يخفى بطلانه، لأن هذا اصطلاح محدث (٤) . ويؤيد ما سبق، ما روى عن أبى موسى أنه قال حين قدم البصرة: "بعثنى إليكم عمر بن الخطاب أعلمكم كتاب ربكم، وسنتكم، وأنظف طرقكم" (٥) .

ثالثاً: من الأسباب التى كان الصحابة يمتنعون أو ينهون من أجلها عن الإكثار من التحديث، خوفهم الاشتغال بكثرة الحديث عن تدبره وتفهمه، لأن المكثر لا تكاد تراه إلا غير متدبر ولا متفقه (٦) .


(١) راجع: ص ٣٢٠، ٣٢١، وانظر: جامع بيان العلم ٢/١٢١.
(٢) البداية والنهاية ٨/١١٠.
(٣) أضواء علىالسنة ص٥٥ هامش، وتابعه المستشار عبد الجواد ياسين فىكتابه السلطة فى الإسلام ص٢٤٠
(٤) الأنوار الكاشفة ص ٥٧.
(٥) أخرجه الدارمى فى سننه المقدمة، باب البلاغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعليم السنن١/١٤٩رقم٥٦٠
(٦) قاله ابن عبد البر فى جامع بيان العلم ٢/١٢٣، ونقله عن جماعة فقهاء المسلمين ٢/١٢٤، وقاله الخطيب فى شرف أصحاب الحديث ص ١٦١.

<<  <   >  >>