للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا وإن كانت السنة تطلق على ما عمل به أصحاب رسول الله رضي الله عنهم كما سبق، فهى أيضاً تطلق ويراد بها الجانب العملى الذى نقل لنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما الحديث: فهو الأخبار التى نقلت لنا عنه صلى الله عليه وسلم. من أقواله وأفعاله وتقريراته وصفاته ... إلخ. وفى ضوء ذلك نستطيع أن نفهم قول العلماء فى وصف أحدهم مثلاً (إمام فى الحديث) أو (إمام فى السنة) أو قولهم عنه إنه (إمام فيهما معاً) ، أى أنه عالم فى الحديث، وعالم بالسنة يطبقها على نفسه، ويلتزم بها فى سلوكه.

والسنة بهذا المعنى الأخير تباين البدعة التى ليست من الدين والتى اعتبرها الرسول صلى الله عليه وسلم. ضلالة؛ لأنها ليست من شرع الله فى شئ، وكل ضلالة فى النار. وفى ضوء ذلك أيضاً نستطيع أن نفهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم. "من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" (١) ... ووفقاً لهذا المعنى نستطيع أن نفهم أيضاً قول عبد الرحمن ابن مهدى (٢) -وهو واحد من أفذاذ علم الحديث ورجاله، ومن كبار العلماء بالسنة - حينما سئل عن مالك بن أنس، والأوزاعى (٣) ، وسفيان بن عيينة (٤) فقال: الأوزاعى إمام فى السنة وليس بإمام فى الحديث، وسفيان إمام فى الحديث وليس بإمام فى السنة، ومالك إمام فيهما معاً.


(١) الحديث متفق عليه من حديث عائشة رضى الله عنها، أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على جدر ٥ /٣٥٥ رقم ٢٦٩٧. ومسلم (بشرح النووى) كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور ٦ /٢٥٦، ٢٥٧ رقم ١٧١٨.
(٢) عبد الرحمن بن مهدى: هو عبد الرحمن بن مهدى بن حسان البصرى، الثقة، الأمين، العالم بالحديث وأسماء الرجال، كان الشافعى يرجع إليه فى الحديث، وقال عنه: لا اعرف له نظيراً فى الدنيا. مات سنة ١٩٨هـ. له ترجمة فى: تقريب التهذيب ١ /٥٩٢ رقم ٤٠٣٢، والكاشف ١ /٦٤٥ رقم ٣٣٢٣، والجرح والتعديل ٥ /٢٨٨ رقم ١٣٨٢، والثقات للعجلى، ص ٢٩٩ رقم ٩٨٥، وتذكرة الحفاظ١ /٣٢٩ رقم٣١٣، وطبقات الحفاظ للسيوطى، ص١٤٤رقم ٣٠١، وطبقات الفقهاء الشافعيين لابن كثير ١ /١٤١ رقم ٣٥.
(٣) الأوزاعى: هو عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد، أبو عمرو الأوزاعى، شيخ الإسلام، وعالم أهل الشام، وهو صاحب مدرسة فى الفقه، وكان مذهبه منتشراً فى الشام انتشاراً واسعاً، وظل لمذهبه أنصار فى المغرب والأندلس حتى القرنين الثالث والرابع للهجرة، ثم توارى أمام مذهب الشافعى ومذهب مالك. مات سنة ١٥٨هـ له ترجمة فى: تذكرة الحفاظ ١ /١٧٨ رقم ١٧٧، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص ٨٥ رقم ١٦٨، والثقات للعجلى ص ٢٩٦ رقم ٩٧٠، ومشاهير علماء الأمصار ص ٢١١ رقم ١٤٢٥، والثقات لابن حبان ٧ /٦٢، ووفيات الأعيان ٣ /١٢٧ رقم ٣٦١، وتهذيب التهذيب ٦ /٢٣٨ رقم ٤٨٤.
(٤) سفيان بن عيينة: هو سفيان بن عيينه بن أبى عمران، أبو محمد، الكوفى ثم المكى، أحد أئمة الإسلام الأعلام، ثقة حافظ فقيه إمام حجة، إلا أنه تغير حفظه بآخره، وربما دلس، ولكن عن الثقات. مات سنة ١٩٨هـ. وله ترجمة فى: تذكرة الحفاظ ١ /٢٦٢ رقم ٢٤٩، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص ١١٩ رقم ٢٣٨، وطبقات المفسرين للداودى ١ /١٩٦ رقم ١٨٧، والثقات للعجلى ص ١٩٤ رقم ٥٧٧، ومشاهير علماء الأمصار ص ١٧٩ رقم ١١٨١.

<<  <   >  >>