للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثل أنه كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، وأنه عرف بالصدق والأمانة وما إلى ذلك من صفات الخير، وحسن الخلق، فمثل ذلك ينتفع به فى إثبات نبوته صلى الله عليه وسلم. كثيراً كما حصل من هرقل فى حديثه المشهور (١) .

وهذا ما جعل العلماء يعتبرون كل ما يتصل به صلى الله عليه وسلم. قبل البعثة جزءاً من السنة؛ فالسنة عندهم تشمل كل ما يتصل بالرسول صلى الله عليه وسلم. قبل وبعد البعثة، ويدخل فى التعريف ما كان عليه عمل الصحابة. وهذا أجمع تعريف لها (٢) . والسنة بهذا المعنى مرادفة للحديث النبوى عندهم (٣) أ. هـ..

ومن هنا يظهر فساد قول جولدتسيهر: فى كتابه (دراسات محمدية) يجب أن يكون مصطلح "الحديث"، ومصطلح "السنة" متميزين عن بعضهما (٤) ، فهما ليسا بمعنى واحد، وإنما السنة دليل الحديث (٥) .

وجولدتسيهر بزعمه هذا لم يفرق بين المعانى اللغوية والمعانى الاصطلاحية للفظتين: الحديث والسنة لذلك تراه يخلط فى الموضوع بعدم التزامه باصطلاحات علماء الشرع، مما جعله يظن أن الخلاف فى معانى لفظ (حديث) و (سنة) هو نوع من الاضطراب فى التفكير عند المسلمين، وهذه الاصطلاحات قد استوفيناها قبل قليل، فظهر أنه لم يعتبر اصطلاحات القوم، بل لم يقترب منها أدنى الاقتراب.

وقوله (إنما السنة دليل الحديث) هذه الدعوى جره إليها تفريقه بين الحديث والسنة، وكان الأشبه العكس، فالحديث دليل السنة، فهما بمعنى واحد فى اصطلاح الأصوليين.

ومن هنا جاء قولهم: سنة ثابتة عن الرسول، وسنة غير ثابتة عنه.


(١) متفق عليه من حديث أبى سفيان بن حرب (البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب، بدء الوحى باب رقم ٦، ١ /٤٢ رقم ٧، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الجهاد والسير، باب كتاب النبى صلى الله عليه وسلم.، إلى هرقل يدعوه للإسلام ٦/٣٤٦ رقم ١٧٧٣.
(٢) انظر: جامع العلوم والحكم ٢ /١٢٠، والمدخل إلى السنة النبوية ص٣٣، ٣٤.
(٣) الحديث والمحدثون للدكتور أبو زهو ص ١٠، وانظر: تيسير اللطيف الخبير فى علوم حديث البشير النذير للدكتور مروان شاهين ص ٢٨، ٢٩.
(٤) نقلاً عن ضوابط الرواية عند المحدثين للأستاذ الصديق بشير نصر ص ٣١٤.
(٥) العقيدة والشريعة فى الإسلام جولد تسيهر ص ٤٩، وممن فرق بينهما أيضاً الأستاذ محمد رشيد رضا، انظر: مجلة المنار المجلد ١٠ /٨٥٢،٨٥٣.

<<  <   >  >>