للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. أولاً وقبل بيان فساد زعم دعاة الفتنة وأدعياء العلم بأن رواية الحديث بالمعنى هى القاعدة الأصلية الثابتة المقررة عند علماء الحديث، وأن اهتمامهم بالمعنى أكثر من اللفظ قبل بيان بطلان هذا الزعم، نحرر أولاً القول فى حكم رواية الحديث بالمعنى عند علماء الأمة من المحدثين، والفقهاء، والأصوليين، حيث سيتضح جلياً كيف قلب أعداء السنة المطهرة الأصل إلى فرع؟ والفرع إلى أصل؟

... من المعلوم أن للعلماء فى رواية الحديث بالمعنى مذاهب عدة (١) ، نستخلص منها مذهبين:

المذهب الأول: أن رواية الحديث بالمعنى لا تجوز لمن لا يعلم مدلول الألفاظ فى اللسان العربى ومقاصدها وما يحيل معناها والمحتمل من غيره، والمرادف منها، وذلك على وجه الوجوب بلا خلاف بين العلماء، لأن من اتصف بذلك لا يؤمن بتغييره من الخلل، ووجب على من هذا حاله أن يروى الحديث بالألفاظ التى سمع بها مقتصراً عليها بدون تقديم، ولا تأخير ولا زيادة ولا نقص لحرف فأكثر، ولا إبدال حرف أو أكثر بغيره، ولا مشدَّدٍ بمثقل، أو عكسه (٢) ؛ "إذ جميع ما يفعله من ذلك تحكم بالجهالة، وتصرف على غير حقيقة فى أصول الشريعة، وتقوُّلٌ على الله ورسوله بما لم يحط به علماً" (٣) .


(١) انظرها فى: إرشاد الفحول ١/٢٣٤ - ٢٣٩، وتوجيه النظر ص ٢٩٨ - ٣١٤، وانظر: السنة النبوية للدكتور أحمد كريمة ص ٦٥ - ٦٩ وأصول السرخسى ١/٣٥٥ - ٣٥٧، والحديث= =النبوى فى النحو العربى ص ٦٤ وما بعدها. والسير الحثيث إلى الاستشهاد بالحديث فى النحو العربى ١/٥٤ - ٥٦ كلاهما للدكتور محمود فجال.
(٢) فتح المغيث للسخاوى ٢/٢٠٧ بتقديم وتأخير، وانظر: تدريب الراوى ٢/٩٨.
(٣) الإلماع للقاضى عياض ص ١٧٤.

<<  <   >  >>