للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. نعم: وصلت إلينا السنة المطهرة بلفظ النبى صلى الله عليه وسلم، بلفظ أبلغ ما عرف فى لغة العرب، وعرف الدارسون من البيان البشرى، وفى ذلك يصف أبو حيان بلاغة السنة قائلاً: "والثانى: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنها السبيل الواضح، والنجم اللائح، والقائد الناصح، والعلم المنصوب والأمر المقصود، والغاية فى البيان والنهاية فى البرهان، والمفزع عند الخصام، والقدرة لجميع الأنام" (١) .

... من أجل ذلك؛ فإن الاحتجاج بالحديث فى اللغة، والنحو أمر طبيعى، وما زعمه المانعون من عدم الاحتجاج به؛ لأنه روى بالمعنى، ولا نستطيع الجزم بأنه لفظ النبى صلى الله عليه وسلم (٢) فهذا الزعم يسقط بما سبق ذكره، وتفصيله من أن الأصل فى رواية الحديث أن تكون باللفظ، والفرع هو الترخص فى روايتها بالمعنى للعالم بالألفاظ ومدلولاتها، ولفظه فى هذه الحالة أيضاً حجة، ولِمَ لا، وعلماء اللغة عندما جمعوا اللغة العربية النقية البعيدة عن الخطأ واللحن كانوا يذهبون إلى البوادى ليستمعوا إلى اللغة من فصحاء العرب، ومن بلغاء البادية مختارين القبائل التى اشتهرت بفصحاتها، مثل قريش، وتميم، وهذيل وأسد وغيرهم.


(١) البصائر والذخائر ١/٨، وانظر: ما قاله الجاحظ فى البيان والتبيين ٢/١٧، ١٨، وانظر: بلاغة الرسول للدكتور على محمد العمارى، والحديث النبوى للدكتور محمد الصباغ ص ٥١.
(٢) انظر: الاقتراح فى علم أصول النحو للسيوطى ص ١٩، وقارن بكشف الظنون ص٤٠٥-٤٠٧، والسير الحثيث إلى الاستشهاد بالحديث فى النحو العربى للدكتور محمود فجال ١/٢٠-٢٤.

<<  <   >  >>