للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. وعن القاسم بن محمد (١) قال: "لما بلغ عائشة قول عمرو بن عمر مرفوعاً: إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه قَالَتْ إِنَّكُم لَتُحَدِّثُونِّىٍ عَنْ غَيْرِ كَاذِبَيْنِ وَلاَ مُكَذَّبَيِنْ وَلِكَنَّ السَّمْعَ يُخْطِئُ (٢) ، وفى رواية قالت: "يغفر الله لأبى عبد الرحمن، أما إنه لم يكذب، ولكنه نسى

أو اخطأ، إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية تبكى عليها فقال: إنهم ليبكون عليها، وإنها لتعذب فى قبرها" (٣) .

... كل ذلك وغيره الكثير، يدل على ثقة الصحابة بعضهم ببعض، ثقة لا يشوبها شك ولا ريبة، لما يؤمنون به من تدينهم بالصدق، وأنه عندهم رأس الفضائل، وبه قام الإسلام، وساد أولئك الصفوة المختارة من أهله الأولين وصدقت عائشة - رضى الله عنهما - ما كَانَ خُلُق أَبْغضَ إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب (٤) .


(١) القاسم بن محمد: هو القاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق التيمى، ثقة، أحد الفقهاء بالمدينة، روى عن عائشة، وأبى هريرة، وفاطمة بنت قيس، وعنه الزهرى، وأبو الزناد. مات سنة ١٠٦هـ على الصحيح. له ترجمة فى: تقريب التهذيب ٢/٢٣ رقم ٥٥٠٦ والكاشف ٢/١٣٠ رقم ٤٥٢٨ والثقات للعجلى ص٣٨٧ رقم ١٣٧٠، وتذكرة الحفاظ ١/٩٦ رقم ٨٨، والثقات لابن حبان ٥/٣٠٢، ومشاهير علماء الأمصار ص ٨٢ رقم ٤٢٧.
(٢) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه٣/٥٠١رقم٩٢٩
(٣) أخرجه مسلم فى الموضع السابق ٣/٥٠٣ رقم ٩٣٢، وانظر: فتح البارى ٣/١٨٤ حيث نقل عن القرطبى قوله: "إنكار عائشة ذلك وحكمها على الراوى بالتخطئة أو النسيان أو على أنه سمع بعضاً ولم يسمع بعضاً بعيد، لأن الرواة لهذا المعنى من الصحابة كثيرون وهم جازمون فلا وجه للنفى مع إمكان حمله على محمل صحيح.. إلخ".
(٤) سبق تخريجه ص ٣٣٧.

<<  <   >  >>