يقول الدكتور همام سعيد: "مما لا شك فيه أن فتناً كثيرة وقعت فى عصر الصحابة أولها مقتل عمر رضي الله عنه، ثم مقتل عثمان رضي الله عنه، ثم الفتنة الكبرى بين على ومعاوية - رضى الله عنهما - ولقد استهدفت هذه الفتن الإسلام فى أصوله وفروعه، وأراد موقدوها أن يفسدوا على المسلمين أمور دينهم، ومما لا ريب فيه أن الفتنة ذات أثر سلبى، ولكنها فى الوقت نفسه كانت سبباً فى بناء المنهج الإسلامى، ليس فقط فى الحديث وحده، بل فى العقيدة والفقه، وأصوله. وفى الحقيقة إذا كان المسلمون قد أضاعوا دولتهم من خلال الفتنة، فقد وجدوا المنهج من خلال الفتنة وأثر الفتنة فى بناء المنهج أمر لابد أن نلتفت إليه، وما ظهر الجرح والتعديل، وطلب الإسناد وسائر علوم الحديث إلا من خلال وجود الفتنة، تماماً كما ظهر علم النحو من خلال وجود اللحن فى اللغة (١) .
... ولعل بروز الفتنة فى ذلك العصر المبكر، والصحابة متوافرون كان فى غاية الفائدة بالنسبة للسنة النبوية. وكم ستكون المشكلة كبيرة لو أن هذه الفتن وقعت بعد انتهاء عصر الصحابة رضي الله عنهم.
(١) انظر: مؤتمر السنة النبوية ومنهجها فى بناء المعرفة والحضارة، تعليق الدكتور همام عبد الرحيم على بحث الشيخ عز الدين التميمى ٢/٦٠٢، ٦٠٣.