للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. كما خرج بشرط العدالة الكذاب، أو المتهم بالكذب، فبإجماع أهل العلم لا يؤخذ حديث من كذب على النبى صلى الله عليه وسلم تغليظاً وزجراً بليغاً عن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لعظم مفسدته، فإنه يصير شرعاً مستمراً إلى يوم القيامة بخلاف الكذب على غيره والشهادة، فإن مفسدتهما قاصرة ليست عامة، فلا يقاس الكذب فى الرواية على الكذب فى الشهادة أو فى غيرها، ولا على أنواع المعاصى الأخرى (١) .

... وخرج بشرط الضبط من عرف بالتساهل فى سماعه أو إسماعه، كمن لا يبالى بالنوم فى السماع منه أو عليه، أو يحدث لا من أصل صحيح مقابل على أصله أو أصل شيخه أو عرف بقبول التلقين فى الحديث، بأن يلقن الشئ فيحدث به من غير أن يعلم أنه من حديثه، أو عرف بكثرة السهو فى روايته، إذا لم يحدث من أصل صحيح، بخلاف ما إذا حدث منه فلا عبرة بكثرة سهوه، لأن الاعتماد حينئذ على الأصل لا على حفظه، أو عرف بكثرة الشواذ والمناكر فى حديثه (٢) ، وكل هذا يخرم الثقة بالراوى وبضبطه.

... وبالتأمل فى الضوابط والقيود الموضوعة لمعرفة من تقبل روايته ومن ترد، يتبين لك عبقرية واضعها من علماء هذه الأمة، والدقة المتناهية فيما وضعوا من قواعد ألمت بصغائر الموضوع، ودقائقه فكانت منهجاً دقيقاً متفرداً لم ولن تعرف له الدنيا نظيراً

هيهات لا يأتى الزمان بمثله ... *** ... إن الزمان بمثله لشحيح

...


(١) الباعث الحثيث للعلامة أحمد محمد شاكر ص ٨٥، ٨٦، وانظر: اختلافات المحدثين والفقهاء فى الحكم على الحديث للدكتور عبد الله شعبان ص ٣٢٢-٣٥٥.
(٢) تدريب الراوى١/٣٣٩، وانظر: فتح المغيث للسخاوى ١/٣٨٣-٣٨٩ وتوضح الأفكار ٢/٢٥٥، وانظر: مقاصد الحديث فى القديم والحديث للدكتور مصطفى التازى ص ٧٩، واختلافات المحدثين والفقهاء فى الحكم على الحديث ص٤٠٢-٤٠٩.

<<  <   >  >>