للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. ونختم هذه الشبهة بما ذكره الإمام ابن القيم الجوزية فى مختصر الصواعق المرسلة قال: قال الإمام أبو المظفر (١) : [فإن قالوا قد كثرت الآثار فى أيدى الناس واختلطت عليهم، قلنا: ما اختلطت إلا على الجاهلين بها، فأما العلماء بها؛ فإنهم ينتقدونها انتقاد الجهابذة الدراهم والدنانير، فيميزون زيوفها ويأخذون خيارها، ولئن دخل فى أغمار الرواة من وسم بالغلط فى الأحاديث، فلا يروج ذلك على جهابذة أصحاب الحديث، وورثة العلماء حتى أنهم عدو أغاليط من غلط فى الإسناد والمتون، بل تراهم يعدون على كل واحد منهم كم فى حديث غلط، وفى كل حرف حرف، وماذا صحف، فإن لم ترج عليهم أغاليط الرواة فى الأسانيد، والمتون، فكيف يروج عليهم وضع الزنادقة، وتوليدهم الأحاديث التى يرويها الناس حتى خفيت على أهلها. وهو قول بعض الملاحدة، وما يقول هذا إلا جاهل ضال مبتدع كذاب يريد أن يهجن بهذه الدعوة الكاذبة صحاح أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم، وآثاره الصادقة، فيغالط جهال الناس بهذه الدعوى، وما احتج مبتدع فى رد آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجة أوهن ولا أشد استحالة من هذه الحجة، فصاحب هذه الدعوى يستحق أن يسف فى فيِهِ، وينفى من بلد الإسلام] (٢) أ. هـ.


(١) الإمام أبو المظفر هو: منصور بن محمد بن عبد الجبار، أبو المظفر السمعانى، التميمى المروزى، الحنفى، ثم الشافعى، أحد الأئمة الأعلام، كان من فحول النظر، بحراً فى الوعظ، سئل عن أخبار الصفات فقال: عليكم بدين العجائز وصبيان الكتاتيب، صنف فى التفسير، والفقه، والحديث، والأصول. من مؤلفاته: البرهان والاصطلام، والقواطع فى أصول الفقه، والقدر، والمنهاج لأهل السنة، وغير ذلك. مات سنة ٤٨٩هـ. له ترجمة فى: طبقات الفقهاء الشافعيين لابن كثير ٢/٤٨٩ رقم ٢٠، واللباب فى تهذيب الأنساب لابن الأثير ٢/١٣٨، ١٣٩، وشذرات الذهب ٢/٣٩٢، وطبقات المفسرين للداودى ٢/٣٣٩ رقم ٦٥١، والبداية والنهاية ١٢/١٦٤
(٢) مختصر الصواعق المرسلة٢/٥٦١،٥٥٢،وانظر: مائة سؤال عن الإسلام للشيخ محمد الغزالى١/٤٣

<<  <   >  >>