للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثاً: لأن علوم العربية وآدابها إنما كانت من أجل خدمة القرآن والحديث، بل إننا لنستطيع أن نقول: إن كل ما فى ثقافتنا من تنوع وتعدد وتلون فى العلوم والفنون والمعارف؛ إنما كان لخدمة القرآن والسنة وفى ذلك يقول الإمام عبد القادر البغدادى (١) : اعلم أنه لا خصلة من الخصال التى تعد فى المفاخر لأهل الإسلام من المعارف والعلوم، وأنواع الاجتهادات، إلا ولأهل السنة فى ميدانها القدح المعلمى، والسهم الأوفر (٢) .

رابعاً: لأن هناك التحاماً وثيقاً بين العربية والعلوم الإسلامية، وكل دارس للعربية لا يعد واقفاً على أسرارها ما لم يشارك فى العلوم الإسلامية الأخرى.

خامساً: لأن الحديث النبوى من الأصول التى يستشهد بها على قواعد اللغة (٣) .

سادساً: لأن قواعد علم المصطلح التى وضعها أجدادنا المسلمون تعلم المنهجية فى الحكم على الأخبار دون أن يكون تأثر بأى اعتبار آخر غير تطبيق تلك القواعد.

قلت: وهو علم تفتخر به هذه الأمة على البشرية جمعاء فهو من خصوصيتها، وسيأتى تفصيل ذلك فى مبحث (أهمية الإسناد فى الدين، واختصاص الأمة الإسلامية عن سائر الأمم) (٤) .

الحديث والتاريخ:

وأما طالب التاريخ فيكفينا للدلالة على أهمية دراسة الحديث بالنسبة له أن نورد قول الدكتور أسد رستم أستاذ التاريخ فى الجامعة اللبنانية (٥) ، قال: وأول من نظم نقد الروايات التاريخية، ووضع القواعد لذلك علماء الدين الإسلامى، فإنهم اضطروا اضطراراً إلى الاعتناء بأقوال النبى صلى الله عليه وسلم. وأفعاله لفهم القرآن وتوزيع العدل فقالوا: إن هو إلا وحى يوحى، ما تلى منه فهو القرآن، وما لم يتل فهو السنة. فانبروا لجمع الأحاديث ودرسها وتدقيقها فأتحفوا علم التاريخ بقواعد لا تزال فى أسسها وجوهرها محترمة فى الأوساط العلمية حتى يومنا هذا.

يقول الدكتور محمد الصباغ: "وقد وضع الأستاذ المذكور كتاباً بعنوان (مصطلح التاريخ) وقد اعتمد فيه على القواعد التى قررها علماء مصطلح الحديث.


(١) عبد القادر البغدادى: هو عبد القادر بن طاهر بن محمد التميمى، الأستاذ أبو منصور البغدادى، الفقيه الشافعى الأصولى النحوى المتكلم، صاحب المؤلفات الكثيرة النافعة، منها "تفسير القرآن" و"فضائح المعتزلة" و"التحصيل فى أصول الفقه" و"الفرق بين الفرق" توفى سنة ٤٢٩هـ له ترجمة فى إنباه الرواة للقفطى ٢ /١٨٥، وبغية الوعاة ٢ /١٠٥، ووفيات الأعيان ٢ /٣٧٢، وهداية العارفين ٥ /٦٠٦، وطبقات الشافعية لابن السبكى ٥/١٣٦، وطبقات المفسرين للداودى ١ /٣٣٢ رقم ٢٩٤، وفوات الوفيات لابن شاكر ١ /٦١٣، والبداية والنهاية لابن كثير ١٢ /٤٤، وطبقات الفقهاء الشافعيين لابن كثير ١ /٣٩٣ رقم ١٧.
(٢) الفرق بين الفرق ص ٣٢١.
(٣) سيأتى تفصيل ذلك فى الجواب عن شبهة رواية الحديث بالمعنى ص ٣٨٦-٣٩٥.
(٤) انظر: ج٢ ص١٤٨.
(٥) وقال الدكتور السباعى فى كتابه السنة ومكانتها ص ١٠٨ هو أستاذ التاريخ فى الجامعة الأمريكية فى بيروت سابقاً وهو مسيحى تفرغ أخيراً لأخبار الكنيسة الأرثوذكسية.

<<  <   >  >>