للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. وفى حديث رافع بن خديج (١) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشئ من دينكم فخذوا به. وإذا أمرتكم بشئ من رأى فإنما أنا بشر".قال عكرمة: أو نحو هذا.وفى حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنتم أعلم بأمر دنياكم" (٢)

... وهذا الحديث من زمن طويل كان المشجب الذى يعلق عليه من شاء، ما شاء من أمور الشرع التى يراد التحلل منها (٣) ، فقد أراد بعضهم أن يحذف النظام السياسى كله من الإسلام بهذا الحديث وحده، لأن أمر السياسة أصولاً وفروعاً من أمر دنيانا، فنحن أعلم به.

فليس من شأن الوحى أن يكون له فيها تشريع أو توجيه، فالإسلام عند هؤلاء دين بلا دولة، وعقيدة بلا شريعة، وأراد آخرون أن يحذفوا النظام الاقتصادى كله من الإسلام كذلك، بسبب هذا الحديث الواحد المهم أن بعض الناس أراد أن يهدم بهذا الحديث الفرد كل ما حوت دواوين السنة الزاخرة، من أحاديث البيوع، والمعاملات، والعلاقات الاجتماعية، والاقتصادية والسياسية، وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال هذا الحديث لينسخ به جميع أقواله وأعماله وتقريراته الأخرى، التى تكون السنة النبوية المطهرة.


(١) رافع بن خديج: صحابى جليل له ترجمة فى: اسد الغابة ٢/٢٣٢ رقم ١٥٨٠، والاستيعاب ٢/٤٨٩ رقم ٧٢٦، والإصابة ١/٤٩٥ رقم ٢٥٢٦، وتاريخ الصحابة ص ٩٧ رقم ٤١٩، وتجريد أسماء الصحابة ١/١٧٣، ومشاهير علماء الأمصار ص ١٨ رقم ٢٩.
(٢) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الفضائل، باب وجوب امتثال ما قاله شرعاً دون ما ذكره من معايش الدنيا على سبيل الرأى ص ٨/١٢٧، ١٢٨، أرقام ٢٣٦١ – ٢٣٦٣.
(٣) السنة والتشريع لفضيلة الأستاذ الدكتور موسى شاهين ص٣٢، وانظر: تاريخ المذاهب الإسلامية للعلامة محمد أبو زهرة ص ٢٤١ وما بعدها.

<<  <   >  >>