للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحق أن اشتراط العدد لصحة قبول خبر الآحاد [بدعة ضالة منكرة يأباها واقع الصحابة والرسول صلى الله عليه وسلم، ويرفضها العقل والمنطق السليمان المجردان من الهوى والزيغ، فيستحيل فى الواقع أن يسير الرسولصلى الله عليه وسلم، فى كل أحيانه مع كوكبة من أصحابه تبلغ حد التواتر، لا يتركونه فى حله، أو فى ترحاله، أو فى يقظته، أو فى فراش نومه حتى يتم التصديق بما جاء عنه من آحاد الصحابة، ويستحيل فى عرف العقل والمنطق أن يتقاعس المسلمون عن الدعوة، وينفضوا أيديهم عن مقومات حياتهم ووجودهم من تجارة وزراعة ونحوها، فلا يبرحون المدينة، ولا يتجاوزون رسولهم صلى الله عليه وسلم، إلى غيره، ليتفرغوا جميعاً. لنقل ما يصدر عنه حتى يتم تصديق الأصحاب فيما يبلغونه عنه، فالواقع، والعقل، والمنطق كلهم يرفض ذلك ويزدريه، ويرثى على المتمسكين بشرط العدد، مجافاتهم للعقل والمنطق، وعدم إدراكهم لواقع الأشياء، فقد كان بعض الصحابة يشغلهم الصفق فى الأسواق، وكان بعضهم يشغله الجهاد فى سبيل الله عز وجل، وكان منهم من يلازم الرسولصلى الله عليه وسلم، على ملء بطنه، يحضر ما لا يحضرون، ويحفظ ما لا يحفظون، من أجل ذلك كان يروى عنه الواحد، والإثنان، والثلاثة، والأكثر، ومن أجل ذلك أيضاً كانت إحدى نسائه تروى عنه بعض ما يحدث منه فى البيت مما تفرد عنه أصحابه، وما يحدث بين المرأة وزوجها من أمور تشريعية (١) .

ويقول الحافظ ابن حجر: "وأما من شرط العدد، فهو قول شاز مخالف لما عليه الجمهور، بل تقبل رواية الواحد إذا جمع أوصاف القبول" (٢) .


(١) السنة النبوية بين دعاة الفتنة وأدعياء العلم لفضيلة الأستاذ الدكتور عبد الموجود عبد اللطيف ص١١٩، ١٢٠.
(٢) انظر: لسان الميزان ١/٢٦، ٢٧.

<<  <   >  >>