للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. ومما هو جدير بالذكر هنا أن الأحناف مع قولهم بعدم قبول خبر الواحد إذا كان زائد على القرآن، فقد قبلوا أحكاماً كثيرة زائدة على ما فى القرآن بعضها من السنة المشهورة كحد الرجم، وتحريم الجمع بين المرأة، وعمتها والمرأة وخالتها، وغير ذلك من الأحكام الزائدة على ما فى القرآن وقبلوها لأنها ثبتت بسنة مشهورة تفيد عندهم علم طمأنينة القلب (١) .

هذا فى حين أن أهل الزيغ والهوى عندما يستدلون بمذهب الأحناف وبشرطهم يتجاهلون هذا إما عن عمدٍ للتضليل، وإما عن جهل بشرطهم، وهو جعلهم المشهور قسيماً للمتواتر فى إفادة العلم، وقبول ما أثبته زائداً على النص القرآنى.

وهو ما رفضه أعداء السنة فى خبر الرجم، والجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها ... وغير ذلك بالرغم من استشهادهم بشرط الأحناف بعدم قبولهم خبر الواحد إذا كان زائد على القرآن الكريم.

... فتأمل كيف استغلوا ذلك الشرط للتشكيك فى حجية خبر الواحد، والطعن فى الأحكام التى استقلت السنة بتشريعها!!

واعلم: أن من اشترط ذلك الشرط؛ فقد اشترطه على هوى فى نفسه، حيث طبقه حيث اشتهى، ورفضه أيضاً حيث اشتهى، وقد أكد ذلك غير واحد من الأئمة بعد ذكرهم أمثلة كثيرة على مخالفتهم لما اشترطوه، وقبولهم أحكاماً زائدة على ما فى القرآن.

يقول ابن حزم: "فمن أين جوزتم أخذ الزائد على ما فى القرآن كما ذكرنا حيث اشتهيتم، ومنعتم منه حيث اشتهيتم، وهذا ضلال لا خفاء به، وكل ما وجب العمل به فى الشريعة فهو واجب أبداً فى كل حال (٢) .


(١) انظر: الأم للشافعى ٧/١١ وما بعدها.
(٢) الإحكام لابن حزم ١/١١٤، وانظر: الأم ٧/١٥، وأعلام الموقعين ٢/٢٨٩، ٢٩٣ وما بعدها.

<<  <   >  >>