للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم كيف يكون المنافقون من الصحابة بالمعنى الاصطلاحى وقد نفاه عنهم رب العزة بقوله: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ} (١) .

ثم إن المنافقين لم يكونوا مجهولين فى مجتمع الصحابة الكرام رضي الله عنهم ولم يكونوا هم السواد الأعظم، والجمهور الغالب فيهم، وإنما كانوا فئة معلومة آل أمرهم إلى الخزى والفضيحة، حيث علم بعضهم بعينه، والبعض الآخر منهم علم بأوصافه، فقد ذكر الله فى كتابه العزيز من أوصافهم، وخصوصاً فى سورة التوبة، ما جعل منهم طائفة متميزة منبوذة، لا يخفى أمرها على أحد، كما لا يخفى على أحد حالهم فى زماننا.

فأين هذه الفئة المنافقة ممن أثبت الله لهم فى كتابه نقيض صفات المنافقين، حيث أخبر عن رضاه عنهم، من فوق سبع سماوات، وجعلهم خير أمة أخرجت للناس" (٢) .

ويدل على ما سبق من قلة المنافقين فى المجتمع الإسلامى، وأنهم فئة معلومة تكفل رب العزة بفضحهم فى الدنيا، ولهم فى الآخرة عذاب عظيم.

ما رواه حذيفة بن اليمان (٣) رضي الله عنه صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنافقين. قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم فى أمتى - وفى رواية - فى أصحابى إثنا عشر منافقاً فيهم ثمانيةٌ لا يدخلون الجنة، ولا يجدون ريحها حتى يَلِجَ الجَمَلُ فى سم الخياط. ثَمانيةٌ منهم تَكْفِيكُهُمُ الدُّبِيْلَةُ، سِرَاجٌ من النارِ، يظهرُ فى أكتافِهِم حتى يَنْجُمَ من صُدَورِهِم" (٤) .


(١) الآية ٥٦ من سورة التوبة.
(٢) انظر: عقيدة أهل السنة والجماعة فى الصحابة للدكتور ناصر الشيخ ٣/٩٦٣.
(٣) له ترجمة فى: الإستيعاب١/٣٣٤ رقم ٤٩٢، واسد الغابة ١/٧٠٦ رقم ١١١٣، والإصابة ١/٣١٧ رقم ١٦٥٢، وتاريخ الصحابة ٧٣ رقم ٢٦٧، ومشاهير علماء الأمصار ص٥٥ رقم ٢٦٧.
(٤) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب صفات المنافقين ٩/١٣٦، ١٣٧ رقم ٢٧٧٩.

<<  <   >  >>