للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. قال ابن حزم: "فكيف يقولون مثل هذا؟ أيجيزون القراءة هكذا! فلعمرى لقد هلكوا وأهلكوا، وأطلقوا كل بائقة فى القرآن، أو يمنعون من هذا، فيخالفون صاحبهم فى أعظم الأشياء، وهذا إسناد عنه فى غاية الصحة وهو مما أخطأ فيه مالك مما لم يتدبره، لكن قاصداً إلى الخير، ولو أن امرأً ثبت على هذا وجازه بعد التنبيه له على ما فيه، وقيام حجة الله تعالى عليه فى ورود القرآن بخلاف هذا لكان كافراً، ونعوذ بالله من الضلال (١) أ. هـ.

... وهاك برهانٌ آخر ذكره صاحب التبيان فى آداب حملة القرآن–على فساد مزاعم أعداء الإسلام من المستشرقين وأذيالهم من جواز "قراءة القرآن بالمعنى".

يقول الإمام النووى: "إن النبى صلى الله عليه وسلم علم البراء بن عازب دعاء فيه هذه الكلمة "ونبيك الذى أرسلت" فلما أراد البراء أن يعرض ذلك الدعاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ورسولك الذى أرسلت" فلم يوافقه النبى صلى الله عليه وسلم على ذلك، بل قال له: "لا. ونبيك الذى أرسلت" (٢) . وهكذا نهاه عليه الصلاة والسلام أن يضع لفظة "رسول"، موضع لفظة "نبى" مع أن كليهما حق لا يحيل معنى، إذ هو صلى الله عليه وسلم رسولٌ ونبى معاً.

ثم قال: فكيف يسوغ للجهال المغفلين أن يقولوا: إنه صلى الله عليه وسلم كان يجيز أن يوضع فى القرآن الكريم مكان عزيز حكيم، غفور رحيم، أو سميع عليم. وهو يمنع من ذلك فى دعاء ليس قرآناً، والله يقول مخبراً عن نبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} (٣) ، ولا تبديل أكثر من وضع كلمة، مكان أخرى" (٤) أ. هـ.


(١) الإحكام لابن حزم ٥/٥٧٤.
(٢) سبق تخريجه ص ٣٦١.
(٣) الآية ١٥ من سورة يونس.
(٤) انظر: مناهل العرفان ١/١٩١.

<<  <   >  >>