للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالث: إنه لا يكون شئ فى السماوات والأرض إلا بإرادة الله ومشيئته، الدائرة بين الرحمة والحكمة، يهدى من يشاء برحمته، ويضل من يشاء بحكمته، لا يسأل عما يفعل لكمال حكمته، وسلطانه، وهم يسألون، وما وقع من ذلك فهو مطابق لعلم الله السابق ولما كتبه فى اللوح المحفوظ لقوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (١) وقال تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} (٢) " فأثبت جل جلاله وقوع الهداية والضلال بإرادته.

الرابع: إن كل شئ فى السماوات والأرض مخلوق لله تعالى لا خالق غيره، ولا رب سواه، لقوله تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} (٣) وقال على لسان سيدنا إبراهيم - عليه السلام -: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (٤) .

... ويدل على صحة مذهب أهل السنة والجماعة من أدلة العقل: أن الملك إذا جرى فى ملكه ما لا يريد، دل ذلك على نقصه أو ضعفه أو عجزه، والله تعالى موصوف بصفات الكمال، لا يجوز عليه فى ملكه نقص، ولا ضعف، ولا عجز، فكيف يكون فى ملكه ما لا يريده، ويريده أضعف خلقه فيكون.كلا سبحانه وتعالى أن يأمر بالفحشاء أو يكون فى ملكه إلا ما يشاء

ونقول: إن مذهب أهل السنة والجماعة الذى ندين لله تعالى به أنه لا يتحرك متحرك، ولا يسكن ساكن ولا يطيع طائع، ولا يعصى عاص، من أعلى العلى إلى ما تحت الثرى؛ إلا بإرادة الله تعالى، وقضائه ومشيئته. وقد دل على صحة ذلك الكتاب، والسنة، والعقل، وإجماع الأمة (٥) .


(١) الآية ٤٩ من سورة القمر.
(٢) الآية ١٢٥ من سورة الأنعام.
(٣) الآية ٢ من سورة الفرقان.
(٤) الآية ٩٦ من سورة الصافات، وانظر: فتح البارى ١/١٤٥ رقم ٥٠.
(٥) الإنصاف للباقلانى ص ١٥٧، ١٥٨، ١٦١، ١٦٢ بتقديم وتأخير.

<<  <   >  >>