للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. وأما إيجاب شئ على الله أو تحريمه عليه، فإن جمهور العلماء ذهبوا إلى أنه سبحانه إنما أمر عباده بما فيه صلاحهم، ونهاهم وحذرهم عما فيه فسادهم، وأرسل لهم الرسل للمصلحة العامة، وإن كان فى إرسالهم ضرر على بعض الناس، ففيه حكم، وإن كان فى بعض ما يخلقه ضرر كالذنوب، فلابد من وجود الحكمة فى ذلك، والمصلحة التى لأجلها خلقه سبحانه (١) ، والله سبحانه قد يوجب على نفسه ويحرم بعض الأمور كقوله سبحانه: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} (٢) وفى الحديث:"يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى" (٣) وهو لا يخل بما أوجبه أو حرمه على نفسه.

أما أن يوجب أو يحرم عليه الخلق بعقولهم فلا (٤) .

إن قول المعتزلة يجب على الله فعل الصلاح والأصلح لعباده يلزم منه لوازم فاسدة مثل: عدم خلق إبليس وجنوده، فعدم خلقه وجنوده أصلح للخلق وانفع، وقد خلقه البارى! والأمثلة على ذلك كثيرة (٥) .


(١) المنتقى من منهاج الاعتدال ص ٥٣.
(٢) الآية ٥٤ من سورة الأنعام.
(٣) جزء من حديث أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم ٨/٣٧٥ رقم ٢٥٧٧ من حديث أبى ذر رضي الله عنه.
(٤) المنتقى من منهاج الاعتدال ص٤٩، ٥٠، وشرح الطحاوية ٢/١٩٣ – ١٩٥.
(٥) انظر: لوامع الأنوار البهية ١/٣٢٩ – ٣٣٢. وللاستزادة من الرد على شبهات المعتزلة فى عقيدة القدر، انظر: الإنصاف للباقلانى ص١٥٧-١٦٨، والشريعة للآجرى ص ١٤٩-٢٥٠، وموقف المدرسة العقلية من السنة ١/٢٨٥ –٢٤٣.

<<  <   >  >>