للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال القرطبى: "إنما غلبه بالحجة؛ لأنه علم من التوراة أن الله تاب عليه (١) ، فكان لومه على ذلك، نوع جفاء، كما يقال ذكر الجفاء بعد حصول الصفاء جفاء، ولأن أثر المخالفة بعد الصفح ينمحى حتى كأنه لم يكن، فلا يصادف اللوم من اللائم حينئذ محلاً".

قال الحافظ ابن حجر: "وهو محصل ما أجاب به المازرى، وغيره من المحققين، وهو المعتمد" (٢) .

ثالثاً: ليس فى الحديث احتجاج بالقدر على المعاصى كما يزعم المعتزلة. وآدم -عليه السلام- لم يحتج بالقدر؛ لأن أنبياء الله – عليهم السلام – من أعلم الناس بالله وبأمره ونهيه، فلا يسوغ لأحدهم أن يعصى الله بالقدر، ثم يحتج على ذلك (٣) أ. هـ.

وبعد

فالحديث كما قال الحافظ ابن عبد البر: "هذا الحديث أصل جسيم لأهل الحق فى إثبات القدر، وأن الله تعالى قضى أعمال العباد فكل أحد يصير لما قدر له بما سبق فى علم الله" (٤) .


(١) كما جاء فى حديث عمر "قال آدم لموسى إنما وجدت أن ذلك كان فى كتاب الله قبل أن أخلق؟ قال نعم" أخرجه أبو داود فى سننه كتاب السنة، باب فى القدر٤/٢٢٦رقم٤٧٠٢.
(٢) فتح البارى ١١/٥١٨، وقول القرطبى موجود بمعناه فى الجامع لأحكام القرآن ١١/٢٥٦.
(٣) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم ٣٦٩، وشفاء العليل ص ٣٨، وشرح الطحاوية ١/١٧٠.
(٤) انظر: فتح البارى ١١/٥١٧، وللاستزادة فى الرد على هذا الحديث انظر: نصوص من السنة ودفاع عنها للدكتور رفعت فوزى، ص ١٨-٢٤، وضلالات منكرى السنة للدكتور طه حبيشى ص ٤٦٣ – ٤٧٥، وانظر: موقف المدرسة العقلية من السنة ١/٣٤٣ – ٣٤٧.

<<  <   >  >>