للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكذِّبًا أو مكذَّبًا، وإنَّما معناه نسبتُهُ إلى الكذب، فالمعنى على هذا: فمَنْ يجعلك بَعْدُ (١) كاذبًا بالدِّين (٢).

وهذا إنِّما يتَعدَّى إليه بـ "الباء" الفعلُ المُضَاعَفُ لا الثلاثي، فلا يقال: كَذَبَ بكذا، وإنَّما يقال: كذَّبَ به.

وجواب هذا الإشكال أنَّ قوله: كذَّبَ بكذا؛ معناه: كذَّبَ المُخْبَر به، ثُمَّ حذفوا المفعول لظهور العلم به، حتَّى كأنَّه نِسْيٌ مَنْسِيٌّ، وعَدَّوا الفعل (٣) إلى المُخْبِر به (٤)، فإذا قيل: مَنْ يكذِّبك بكذا؟ فهو بمعنى: كذَّبُوك بكذا - سواء -، أي (٥): نسبوك إلى الكذب في الإخبار به.

بل الإشكال في قول مجاهد والجمهور، فإنَّ الخطاب إذا كان للإنسان، وهو المكذِّب - أي: فاعل التكذيب - فكيف يقال له: ما يكذِّبك؟ أي: يجعلك مكذِّبًا، والمعروفُ "كذَّبَهُ": إذا جعله كاذبًا لا مكذِّبًا، مثل "فسَّقَه": إذا جعله فاسقًا، لا مفسِّقًا لغيره.

وجواب هذا الإشكال: أنَّ "صدَّقَ" و"كذَّبَ" - بالتشديد - يراد به معنيان:

أحدهما: النِّسبة؛ وهي إنَّما تكون للمفعول كما ذكرتم.

والثاني: الداعي والحامل على ذلك، وهو يكون للفاعل.


(١) من (ح) و (م)، وسقط من باقي النسخ.
(٢) بعده في (ز) و (ن) زيادة: أو مكذبًا به، ومثله في (ك) و (ط) بدون: به.
(٣) أثبتُّه من (ح) و (م)، وسقط من باقي النسخ، إلا أنه استدرك في هامش (ك).
(٤) في (ن): ثم حذفوا المفعول! تكررت خطأ.
(٥) ساقط من (ن) و (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>