للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نوعُ تفريطٍ، وهو نوعُ خُسْرٍ بالنسبة إلى من حصَّلَ ربح ذلك.

ولمَّا قال في سورة "والتين": ﴿ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥)﴾ قال: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾، فقسَّمَ النَّاسَ في هذين القسمين فقط.

ولمَّا كان الإنسان له قُوَّتان: قوَّةُ العلم، وقوَّةُ العمل. وله حالتان: حالةٌ يأتمر فيها بأمر غيره، وحالةٌ يأمر فيها غيره = استثنى - سبحانه - من كمَّلَ قوَّته العلميَّة بالإيمان، وقوَّته العَمَليَّة بالعمل الصالح، وانقاد لأمر غيره له بذلك، وأمَرَ غيرَه به (١)؛ من الإنسان الذي هو في خُسْرٍ.

فإنَّ العبد له حالتان: حالةُ كمالٍ في نفسه، وحالةُ تكميلٍ لغيره.

وكماله وتكميله موقوفٌ على أمرين: علمٌ بالحقِّ، وصبرٌ عليه.

[فـ] (٢) ـانتظمت هذه الآية جميع مراتب الكمال الإنساني، من العلم النافع، والعمل الصالح، والإحسان إلى نفسه بذلك، وإلى أخيه به، وانقياده وقبوله لمن يأمره بذلك.

وقوله تعالى: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (٣)﴾ إرشادٌ إلى منصب الإمامة في الدِّين، كقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (٢٤)[السجدة: ٢٤]، فبالصبر واليقين تُنَالُ الإمامةُ في الدِّين.

و"الصبر" نوعان:

نوعٌ بالمقدور (٣)، كالمصائب.


(١) ساقط من (ز).
(٢) زيادة يقتضيها السياق.
(٣) أي: نوعٌ يتعلق بالمقدور، ونوعٌ يتعلق بالمشروع.

<<  <  ج: ص:  >  >>