للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

فإن قيل: أيُّ عُضْوٍ يتخلَّقُ أوَّلًا قبل سائر الأعضاء؟

قيل: قد اختُلِف في ذلك على أربعة أقوال:

أحدها: أنَّه "القلب"، وهذا قول الأكثرين.

والثاني: أنَّه "الدِّماغ" و"العَينَان"، وهو قول "بقراط".

والثالث: أنَّه "الكبد"، وهو قول: محمد بن زكريا (١).

والرابع: أنَّه "السُّرَّة"، وهو قول جماعةٍ من الأطبَّاء.

قال أصحاب "القلب": لا نشكُّ أنَّ في "المَنِيِّ" قوَّةً رُوحِيَّةً، وبسبب تلك القوَّة يستعد (٢) أن يكون إنسانًا، وحاجته إلى "الرُّوح" الذي هو مادَّة القوى أشدُّ، فلا بدَّ أن يكون لذلك "الرُّوح" مَجْمَعٌ خاصٌّ، منه ينبعث إلى سائر الأعضاء. فالجوهر الروحيُّ أوَّلُ شيءٍ يَنْهَزُ (٣) من


(١) هو أبو بكر محمد بن زكريا الرازي، طبيب المسلمين بلا مدافع، والفيلسوف المشهور، اشتغل في صغره بالعلوم العقلية، فأكبَّ على كتب الحكماء الأوائل، وأوغل فيها حتى "اضطرب لذلك رأيه، وتقلد آراء سخيفة، وانتحل مذاهب خبيثة"، أمَّا صناعة الطب فإنَّما تعلَّمها عن كِبَر، وكان ذكيًّا فطنًا، كريمًا بارًّا بالفقراء، رؤوفًا بالمرضى، خدم بطبِّه الأكابر من ملوك العجم، وكان يلقب بـ "جالينوس العرب"، صنف كتبًا كثيرة منها: "الحاوي" في الطب وهو أعظم كتبه وأنفعها، و"ايساغوجي" في المنطق، توفي سنة (٣١٣ هـ).
انظر: "طبقات الأطباء" (٧٧)، و"تاريخ الحكماء" (٢٧١)، و"عيون الأنباء" (٤١٤).
(٢) في (ح) و (م): سَعِد.
(٣) تصحفت في (ز) و (ح) و (م) و (ط) إلى: ينهر. =

<<  <  ج: ص:  >  >>