للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملائم إليها.

ولمَّا احتاجت "المعدة" إلى قوَّةِ حِسٍّ بالعَوَز، ولم يكن ذلك إلا من معدن الحواسِّ - وهو "الدِّماغ" - أتاها "روح العَصَبِ" وهو عظيمٌ، فأنبَتَ أكثَره في فَمِها وما يليه، ومن باقيه مستقيمًا حتَّى بلغ قَعْرها.

فإن قيل: فما الحكمة في أنْ باعَدَ - سبحانه - بين "المعدة" وبين "الفم"، وجعل بينهما مجْرَىً طويلًا وهو "المَرِيء"، وهلَّا اتَّصَلَت "المعدة" بـ "الفَمِ"، واستَغْنَت عن "المَرِيء"؟

قيل: هذا من تمام حكمة الخالق، وفيه منافع كثيرة:

١ - منها أن يحصل للغذاء تغيُّرٌ ما في طُول (١) المَجْرَى، فَيَلْطُفَ قبل وصوله إليها.

٢ - ومنها بُعْدُه عن آلة التنفُّس، لئلَّا تعوقه وتعوق الصوت والكلام.

٣ - ومنها أن لا تنقلب "المعدة" إلى خارجٍ عند شدَّةِ الجوع، كما يعْرِض ذلك للحيوان الشَّرِهِ إذا كان قصير العُنُقِ.

فإن قيل: فَلِمَ كانت إلى الجانب الأيسر أميل منها إلى الجانب الأيمن؟

قيل: ليتَّسِعَ المكان على "الكبد" ولا ينحصر.

فإن قيل: فهلَّا كانت مستقيمةً في وَضْعِها (٢)، بل مَالَ أسفلُها إلى


(١) في (ح) و (م): طريق.
(٢) في (ح) و (م): وصفها.

<<  <  ج: ص:  >  >>