للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ومن ذلك إقسامُه - سبحانه - بـ ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (١)[الطارق: ١]، وقد فسَّره بأنَّه ﴿النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣)﴾ الذي يثقُب (١) ضَوؤُه.

والمراد به الجنس لا نجمٌ معيَّنٌ، ومن عيَّنَهُ بأنَّه "الثريَّا"، أو "زُحَل": فإن أراد التمثيل فصحيحٌ، وإن أراد التخصيص فلا دليل عليه (٢).

والمقصود أنَّه - سبحانه - أقسَمَ بالسماءِ ونُجُومِها المضيئة، وكلٌّ منها (٣) آيةٌ من آياته الدَّالَّةِ على وحدانيته.

وسمَّى "النَّجمَ": طارقًا؛ لأنَّه يظهر بالليل بعد اختفائه بضوء الشمس، فشُبِّهَ بالطارق الذي يطرق النَّاسَ أو أهلَهُ ليلًا.

قال الفرَّاء: "ما أتاك ليلًا فهو طارق" (٤).

وقال الزجَّاج، والمبرِّد: "لا يكون الطارق نهارًا" (٥).

ولهذا تستعمل العرب الطُّرُوق في صفة الخَيَال كثيرًا، كما قال ذو الرُّمَّة (٦):


(١) الثاقب: المضيء الذي يثقب بنوره وإضاءته ما يقع عليه.
انظر: "مجاز القرآن" (٢/ ٢٩٤)، و"مفردات القرآن" للراغب (١٧٣).
(٢) انظر: "زاد المسير" (٨/ ٢٢٣)، و"المحرر الوجيز" (١٥/ ٣٩٦)، و"الجامع" (٢٠/ ١).
(٣) في (ح) و (م): منهما.
(٤) "معاني القرآن" (٣/ ٢٥٤).
(٥) "معاني القرآن" للزجَّاج (٥/ ٣١٠)، وانظر: "الوسيط" للواحدي (٤/ ٤٦٤).
(٦) "ديوانه" (١/ ١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>