للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ومن ذلك قوله تعالى: ﴿كَلَّا وَالْقَمَرِ (٣٢) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (٣٣) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ (٣٤) إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (٣٥) نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (٣٦) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (٣٧)[المدثر: ٣٢ - ٣٧].

أقْسَمَ - سبحانه - بالقمر الذي هو آيةُ الليل، وفيه من الآيات الباهرة الدالَّة على ربوبية خالقه وبارئه، وحكمته، وعلمه، وعنايته بخلقه = ما هو معلومٌ بالمشاهدة.

وهو - سبحانه - أقسَمَ بالسماء وما فيها ممَّا لا نَرَاهُ من الملائكة، وما فيها ممَّا نَرَاهُ من الشمس، والقمر، والنُّجُوم، وما يحدث بسبب حركات الشمس والقمر من الليل والنَّهار، وكلُّ (١) ذلك آيةٌ من آياته، ودلالةٌ من دلائل ربوبيته (٢).

ومن تدبَّرَ أمرَ هذين النيِّرَيْن العظيمين وجدهما من أعظم الآيات في خَلْقِهما، وجِرْمِهما، ونُورِهما، وحركتهما على نهجٍ واحدٍ، لا يَنِيَانِ (٣)، ولا يَفْتُرَان، دَائِبَيْن، ولا يقع في حركاتهما اختلافٌ بالبُطْءِ، والسرعةِ، والرجوعِ، والاستقامةِ، والانخفاضِ، والارتفاعِ، ولا يجري أحدُهما في فَلَكِ صَاحبه، ولا يدخل عليه في سلطانه، ولا تدرك الشمسُ القمرَ، ولا يجيء الليلُ قبل انقضاء النَّهار، بل لكلٍّ حركةٌ مقدَّرَةٌ، ونهجٌ معيَّنٌ لا يَشْركه فيه الآخر، كما أنَّ له تأثيرًا ومنفعةً لا يَشْركه فيها


(١) بعده في (ك) و (ح) زيادة: من.
(٢) في (ز) العبارة هكذا: وكلٌّ من ذلك آية من آياته الدالة على ربوبيته.
(٣) "يَنِيَان": من وَنَى في الأمر، إذا ضَعُف وفَتَر. "المصباح المنير" (٩٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>