للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ثبت في "الصحيح" عن النبيِّ من حديث حذيفة بن أَسِيد: "إنَّ اللهَ وكَّلَ بالرَّحِم مَلَكًا يقول: يا رَبِّ نُطْفَةٌ، يا رَبِّ عَلَقَةٌ، يا رَبِّ مُضْغَةٌ. فما الرزقُ؟ فما الأجلُ؟ فما العملُ؟ فيقضي الله ما شاء، ويكتب المَلَكُ" (١)، وفي لفظ: "يقول المَلَكُ الذي يَخلُقُها" (٢) أي: يُصَوِّرُها (٣) بإذن الله، أي: يُصوِّرُ خَلْقَهُ في "الأرحام" كيف يشاء الله، لا إله إلا هو العزيز الحكيم.

قال أصحاب القول الأوَّل: نحن أحقُّ بهذا التنزيه والتوحيد، ومعرفة حِكْمَةِ الخلَّاق العظيم وقدرته وعلمه، وأسعد به منكم.

ومن أَحَال من سفهائنا وزنادقتنا هذا التخليقَ على القوَّة المصوِّرة والأسباب الطبيعية، ولم يسندها إلى فاعلٍ مختارٍ عالمٍ بكلِّ شيءٍ، قادر على كلِّ شيءٍ، لا يكون شيءٌ إلا بإذنه ومشيئته، والقوَّةُ والطبيعة خَلْقٌ مُسَخَّرٌ من خلقه، وعبدٌ من جملة عبيده، ليس لها تصرُّفٌ، ولا حركةٌ،


(١) أخرجه بهذا اللفظ: البخاري في "صحيحه" رقم (٣١٨، ٣٣٣٣، ٦٥٩٥)، ومسلم في "صحيحه" رقم (٢٦٤٦)، من حديث أنس بن مالك .
وأمَّا حديث حذيفة بن أَسِيد فسيأتي عند المؤلف ذكر لفظه في (ص/ ٥١٧).
(٢) هو عند مسلم في "صحيحه" رقم (٢٦٤٥) من حديث حذيفة بن أَسِيد الغفاري ، بلفظ:
"إنَّ النُّطْفةَ تقع في الرَّحم أربعين ليلةً، ثم يَتَصوَّرُ عليها المَلَكُ"، قال زهير - هو ابن حَرْب أبو خيثمة، أحد رواة الحديث -: حَسِبْتُهُ قال: الذي يَخْلُقُها. . . إلخ.
وفي لفظٍ: ". . . بعث الله مَلَكًا، فصوَّرها، وخَلَقَ سَمْعَها، وبَصَرها، وجِلْدَها، ولحْمَها، وعظامها،. . . إلخ".
(٣) في (ح) و (م): يُصيِّرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>