إذا أراد اللهُ أنْ يَخْلُقَ شيئًا بإذن الله لبِضْعٍ وأربعين ليلةً" ثُمَّ ذكر نحوه.
قيل: نتلقاه - أيضًا - بالتصديق والقبول، وترك التحريف. وهذا يوافق ما أجمع عليه الأطبَّاء أن مبدأ التخليق والتصوير بعد الأربعين.
فإن قيل: فكيف التوفيق بين هذا وبين حديث ابن مسعود، وهو صريحٌ في أنَّ "النُّطْفَةَ" أربعين يومًا نطفةٌ، ثُمَّ أربعين يومًا "عَلَقةٌ"، ثُمَّ أربعين "مُضْغَةٌ"، ومعلومٌ أنَّ "العَلَقَةَ" و"المُضْغَةَ" لا صورة فيهما (١)، ولا جلد، ولا لحم، ولا عظم. وليس بنا حاجةٌ إلى التوفيق بين حديثه هذا وبين قول الأطبَّاء؛ فإنَّ قولَ النبيِّ ﷺ معصومٌ، وقولُهم عُرْضَةُ الخطأ، ولكنَّ الحاجة إلى التوفيق بين حديثه وحديث حذيفة المتقدِّم؟
قيل: لا تنافي بين الحديثين بحمد الله، وكلاهما خارجٌ من مشكاةٍ صادقةٍ معصومةٍ.
وقد ظنَّ طائفةٌ أنَّ التصوير في حديث حذيفة إنَّما هو بعد الأربعين الثالثة، قالوا: وأكثر ما فيه التعقيب بـ "الفاء"، وتعقيب كلِّ شيءٍ بحَسَبه، وقد قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً﴾ [الحج: ٦٣]، بل قد قال تعالى: ﴿ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا﴾ [المؤمنون: ١٤]، وهذا تعقيبٌ بحسب ما يصلح له المَحَلُّ، ولا يلزم أن يكون الثاني عقيب الأوَّل تعقيب اتصال.
وظنَّت طائفةٌ أخرى أنَّ التصويرَ والتخليقَ الذي في حديث