للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعضها عَونٌ لبعض.

فمَحَلُّ النَّفْس الحيوانيَّة: "الكبد"، ومَحَلُّ النَّفْس المفكِّرة: "الدِّمَاغ"، ومَحَلُّ الغضبيَّة: "القلب".

فصل

وتأمَّل الحكمةَ في أنْ جُعِلَت صِفَاقَاتُ (١) عروق "الكبد" أَرَقَّ من صِفَاقَات سائر عروق البدن، لتَنفُذَ إلى "الكبد"؛ فَيَروُقُ جوهر "الدَّم" بسرعة، وهي مع ذلك غير محتاجةٍ إلى الوقاية؛ لأنَّ "الكبد" تَحُوزُها بلحمها، وإنَّما وُضِعَت مجاري "المِرَّةِ الصَّفْراء" بعد "العُرُوق" التي تصعد بالغذاء من "المعدة"، وقبل "العُرُوق" التي تأخذ "الدَّم" منها (٢)؛ لأنَّ هذا الموضع هو بين موضع كمال الطبخ وبين انتقاله إلى "العِرْق الأَجْوَف"، وحينئذٍ يمكن انفصال "المِرَّةِ" عن "الدَّم".

وجُمعت "العُرُوقُ" كلُّها إلى عِرْقٍ واحدٍ هو "الباب"، ثُمَّ عادت فتقَسَّمَت في مَقْعَر (٣) "الكبد"، ثُمَّ عادت فجُمِعَت في مَجْذِبِها إلى عِرْقٍ واحدٍ وهو "الأَجْوَف"؛ لتجيد بقسمتها إنْضَاجَ ما تحتوي عليه، ولئلَّا يَنْفُذَ بسرعةٍ، وكذلك كلُّ موضعٍ احتيج فيه إلى طول مُكْثِ المادَّةِ هُيِّءَ (٤)


(١) "صِفَاقات" أي: الجلود الباطنة للعروق، وفي الأصل يطلق على "جلد البطن"، فـ "الصِّفَاق": ما بين الجلد والمُصْران، وجلد البطن كله: صِفَاق.
انظر: "لسان العرب" (٧/ ٣٦٦ - ٣٦٧).
(٢) من (ح) و (م)، وسقطت من بقية النسخ.
(٣) قَعْرُ الشيء: عُمْقُه ونهاية أسفله. "المصباح المنير" (٧٠٠).
(٤) بياض في (ط)، وفي باقي النسخ: هُيِّن، ولعل ما أثبته هو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>