للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ومن ذلك إقسامُهُ - تعالى - ﴿بِالشَّفَقِ (١٦) وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (١٧) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨)[الانشقاق: ١٦ - ١٨]، فأقسم بثلاثة أشياء (١) متعلِّقةٍ بالليل:

أحدها: "الشَّفَقُ"؛ وهو في اللغة: الحُمْرَة بعد غروب الشمس إلى وقت صَلَاة العِشَاء الآخرة (٢)، وكذلك هو في الشرع.

قال الفرَّاءُ، واللَّيثُ، والزجَّاجُ، وغيرهم: "الشَّفَقُ"؛ الحُمْرَةُ في السماء (٣).

وأَصْلُ موضُوعِ (٤) الحَرْفِ لِرِقَّة الشَّيءِ، ومنه قولُهم (٥): شيءٌ شَفِقٌ: لا تَمَاسُكَ له لَرِقَّتِه، ومنه "الشَّفَقَة" وهي: الرِّقَّة، وأشْفقَ عليه: إذا رَقَّ له، وأهل اللغة يقولون: "الشَّفَقُ" بقيَّةُ ضَوءِ الشَّمْسِ وحُمْرتها (٦).

ولهذا كان الصحيح أنَّ "الشَّفَق" الذي يدخل وقتُ العشاءِ الآخِرة


(١) سَهَا المؤلف عن الثالث، فلم يتكلم على القمر إذا اتَّسَق.
(٢) قال الواحديُّ: "وهذا قول المفسرين وأهل اللغة جميعًا، وروي مثل هذا مرفوعًا. . ." ثم ساقه. "الوسيط" (٤/ ٤٥٤).
وحكاه القرطبي مذهب أكثر الصحابة والتابعين والفقهاء، وقال: "شواهد كلام العرب والاشتقاق والسُّنَّة تشهد له". "الجامع" (١٩/ ٢٧٣).
(٣) انظر: "معاني الفرَّاء" (٣/ ٢٥٠)، و"معاني الزجَّاج" (٥/ ٣٠٥)، و"تهذيب اللغة" (٨/ ٣٣٢).
(٤) في (ز): موضع!
(٥) ساقط من (ح) و (م).
(٦) انظر: "مقاييس اللغة" (٣/ ١٩٧)، و"لسان العرب" (٧/ ١٥٤ - ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>