للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يدلُّ على عظمةِ "العرش"، وقُرْبِهِ منه سبحانه، واختصاصه به، بل يدلُّ على غاية القُرْبِ والاختصاص، كما يضيف إلى نفسه بـ "ذو" صفاته القائمة به كقوله تعالى: ﴿ذُو الْقُوَّةِ﴾ [الذاريات: ٥٨]، و ﴿ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (٢٧)[الرحمن: ٢٧]، ويقال: ذو العِزَّة، وذو المُلْك، وذو الرحمة، ونظائرُ ذلك. فلو كان حَظُّ "العرش" منه حظَّ الأرض السابعة لكان لا فرق بين أن يقال: ذو العرش، وذو الأرض.

ثُمَّ وصف نفسه بـ "المجيد"، وهو المتضمِّنُ لكثرةِ صفاتِ كماله وسعتها، وعدمِ إحصاءِ الخَلْقِ لها، وسَعَةِ أفعاله وكثرةِ خيرهِ ودوامه.

وأمَّا من ليس له صفاتُ كمالٍ ولا أفعالٌ حميدةٌ فليس له من المَجْد شيءٌ. والمخلوق إنَّما يصير مجيدًا بأوصافه وأفعاله، فكيف يكون الرَّبُّ مجيدًا، وهو معطَلٌ عن الأوصاف والأفعال؟! تعالى اللهُ عمَّا يقول المعطِّلون (١) علوًّا كبيرًا، بل هو (٢) المجيدُ الفعَّالُ لما يريد.

و"المَجْدُ" في لغة العرب: كثرة أوصاف الكمال، وكثرة أفعال الخير (٣).

وأحسن ما قُرِنَ اسم "المجيد" إلى "الحميد"، كما قالت الملائكة لبيت الخليل : ﴿رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (٧٣)[هود: ٧٣]، وكما شُرِعَ لنا في آخر الصلاة بأن نُثْنِي على


(١) في (ز): الظالمون.
(٢) ساقط من (ز).
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" (١٠/ ٦٨٢)، و"تفسير أسماء الله الحُسْنَى" للزجَّاج (٥٣)، و "اشتقاق أسماء الله" للزجَّاجي (١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>