للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألَا طَرَقَتْ مَيٌّ هَيُومًا بِذِكْرِها … وأَيدِي الثريَّا جُنَّحٌ في المَغَارِبِ (١)

وقال جرير (٢):

طرَقَتْكَ صَائِدَةُ القُلُوبِ وَلَيس ذا … وقْتَ الزِّيَارةِ، فارجِعِي بِسَلَامِ

ولهذا قيل: أوَّلُ من رَدَّ "الطَّيفَ" جريرٌ (٣)، ولم يزل النَّاس على قبوله وإكرامه كالضَّيف، فـ "الطَّيفُ" والضَّيفُ كلاهما لا يُرَدُّ.

وقال الآخر (٤):

أَلَا طَرَقَتْ مِنْ آخِرِ اللَّيلِ زَينبُ … عليكِ سَلَامٌ، هل لِما فَاتَ مَطْلَبُ؟

والمقسَمُ عليه - ها هنا - حالُ النَّفْس الإنسانية، والاعتناءُ بها، وإقامةُ الحَفَظَةِ عليها، وأنَّها لم تُتْرَك سُدىً، بل قد أُرْصِدَ عليها من يحفظ عليها أعمالها ويحصيها، فأقسَمَ - سبحانه - أنَّه ما من نفسٍ إلا عليها حافظٌ من الملائكة (٥)، يحفظ عملَها وقولَها، ويحصي ما تكسب من


(١) في جميع النسخ: بالمغارب، والتصحيح من الديوان.
(٢) "ديوانه" (٤٥٢).
(٣) المشهور أن أول من طرد الخَيَال هو: طَرَفَةُ بن العبد، حيث قال:
فَقُلْ لخيال الحَنْظَليَّةِ يَنْقَلِبْ … إليها، فإني واصِلٌ حَبْلَ من وَصَلْ
ثم تبعه جريرٌ، وأنشدوا له هذا البيت: طرقتك صائدة القلوب …
انظر: "الشعر والشعراء" لابن قتيبة (١٤٩)، و"العقد الفريد" (٥/ ٣٤٧)، و"طيفُ الخيال" للمرتضى (٦٧) والملحق بآخره (٢٠٩).
(٤) هو يزيد بن مفرِّغ الحميري "ديوانه" (٥٣).
ولفظ الديوان:
أَلَا طرقَتْنَا آخِرَ الليلِ زينبُ … سلامٌ عليكم، هلْ لِمَا فاتَ مطلَبُ؟
(٥) ساقط من (ز) و (ن).

<<  <  ج: ص:  >  >>