ولمَّا أقامَ الحُجَّةَ وبيَّنَ المحجَّةَ ارتهن كلَّ نفسٍ بكَسْبِها، وآخَذَها بذنبها، واستثنى من أولئك مَنْ قَبِلَ هُدَاهُ، واتَّبعَ رضاه، وهم أصحاب اليمين الذين آمنوا بالله، وصدَّقُوا المرسلين، وسلكوا غير سبيل المجرمين، الذين ليسوا من المصلِّين، ولا مِنْ مُطْعِمِي المساكين، وهم من أهل الخَوْضِ مع الخائضين، المكذِّبين بيوم الدِّين.
فهذه أربع صفاتٍ أخرجتهم من زُمْرة المفلحين، وأدخلتهم في جملة الهالكين:
الأُولَى: تَرْكُ الصلاة، وهي عمود الإخلاص للمعبود.
الثانية: تَرْكُ إطعام المسكين الذي هو أَهَمُّ مراتب الإحسان للعبيد، فلا إخلاصَ للخالق، ولا إحسانَ للمخلوق، كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (٧)﴾ [الماعون: ٦، ٧]، وقال تعالى: ﴿وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (٥٤)﴾ [التوبة: ٥٤]، وهذا ضدُّ ما وصَفَ به أصحاب اليمين بقوله