للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتأمَّلْ منفعة النَّفَس الذي لو قُطع عن الإنسان لَهَلَكَ، وهو أربعةٌ وعشرون ألف نَفَسٍ في اليوم والليلة، قِسطُ كلِّ ساعةٍ ألفُ نَفَسٍ.

وتأمَّلْ كيف يدخل الهواء في "المِنْخَرَين" فينكسر بَرْدُهُ هناك، ثُمَّ يصل إلى "الحُلْقُوم"، فيعتدل مِزَاجُهُ هناك، ثُمَّ يصل إلى "الرِّئة"، فيتصَفَّى فيها من الغِلَظِ والكُدْرَةِ، ثُمَّ يصل إلى "القلب" أصفَى ما كان وأعدَلَ، فيُرَوِّحُ عنه، ثُمَّ ينفذ منه إلى "العُرُوق" المتحرِّكة، ويتقدَّم إلى أقاصي أطراف البدن، ثُمَّ إذا سَخُنَ جدًّا وخرج عن حَدِّ الانتفاع؛ عادَ عن تلك الأقاصي إلى البدن، ثُمَّ إلى "الرِّئة" (١)، ثُمَّ إلى "الحُلْقُوم"، ثُمَّ إلى "المِنْخَرَين"، ثُمَّ يخرج، ويعودُ مثلُه … هكذا أبدًا، فمجموع ذلك هو النَّفَسُ الواحد.

وقد أحصى الرَّبُّ ﷿ عدَدَ هذه الأَنْفَاسِ، وجعل مقابل كلِّ نَفَسٍ منها ما شاء الله من الأحقاب في الجحيم، أو في (٢) النَّعيم. فما أَسْفَهَ من أضاعَ ما هذا قيمتُه في غير شيء.

فصل

وهو - سبحانه - جعل "القلب" أميرَ البدن، ومعدِنًا للحرارة الغريزيَّة، فإذا اسْتُنشِقَ الهواءُ الباردُ وصَلَ إلى "القلب" واعتَدَلَتْ حرارته، فيبقى هناك مدَّةً، [فإذا] (٣) سخُنَ واحتدَّ (٤)، واحتاجَ إلى


(١) "ثم إلى الرئة" ملحق بهامش (ك).
(٢) من (ح) و (م)، وسقط من باقي النسخ.
(٣) زيادة مهمة لاتساق الكلام.
(٤) في (ح) و (م) وهامش (ك): واحترق.

<<  <  ج: ص:  >  >>