للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"للكبد" بـ "القلب" و"الدِّمَاغ" اتصالٌ بِشَطَنَةٍ (١) من العَصَب خَفِيَّةٍ، كنسيج العنكبوت.

ولمَّا كانت النَّفْسُ المُغَذِّيَةُ (٢) بمنزلة حيوانٍ عافٍ (٣) وَحْشيٍّ - وكلُّ جسم يموتُ فلا بدَّ أن تتصل به هذه النَّفْس وتَغْذُوه -، بخلاف النَّفْس المُفَكِّرة التي مَحَلُّها "الدِّمَاغ"، وبخلاف النَّفْسِ الغَضَبِيَّةِ التي مَحَلُّها "القلب"، فالنَّفْسُ المُفَكِّرةُ تستعين بالنَّفْسِ الغَضَبِيَّةِ على تلك النَّفْس الحَيَوانيةِ العافيةِ (٤) الوحشيَّةِ = اقتضت حكمةُ الخالِقِ أن وَصَلَ بين مَحَالِّ هذه الأنفس الثلاثة وشُعَبِها؛ ليُذْعِنَ بعضُها لبعض.

ولا تُنْكِر تسميةَ هذه القُوى: نُفُوسًا، فليس الشأنُ في التسمية، فأنت تجد فيك نفسًا حيوانيَّةً تطلب الطعام والشراب، ونفسًا مُفَكِّرةً سلطانُها على التصوُّرِ والعلم والشُّعُور، ونفسًا غَضَبِيَّةً سلطانُها على الغضب والإرادة، وتَصَرُّفَ (٥) كلِّ واحدةٍ منها فيما جُعِلَت إليه،


(١) من (ح) و (م)، وفي باقي النسخ: بشَطْبَة؛ وهو محتمل.
و"الشَّطَنُ": الحَبْلُ. "مختار الصحاح" (٣٦٠).
و"الشَّطْبَة": بمعنى القطعة والشريحة. "لسان العرب" (٧/ ١١٥).
(٢) في (ك) و (ح) و (م): المعدية.
(٣) في (ح) و (م): غان!
والعافي: طالب الرزق والفضل. والعافية والعُفَاة: طلَّاب الرزق من الإنس والدواب والطير.
انظر: "لسان العرب" (٩/ ٢٩٥).
(٤) في (ح) و (م): الغائبة، وفي باقي النسخ: الفانية، ولعل ما أثبته هو الصواب إلحاقًا بما سبق وصْفُها به.
(٥) في (ح) و (م): وتضرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>