للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والليل آيةٌ، وما حَوَاهُ آيةٌ، والهلَالُ آيةٌ، وتزايده كلَّ ليلةٍ آيةٌ، واتِّساقُهُ - وهو امْتِلَاؤُه نُورًا - آيةٌ، ثُمَّ أَخْذُهُ في النقص آيةٌ. وهذه وأمثالُها آياتٌ دالَّةٌ على ربوبيته، مستلزِمَةٌ للعلم بصفات كماله.

ولهذا شُرِعَ عند إقبال الليل وإدبار النَّهار ذِكْرُ الرَّبِّ - تعالى - بصلاة المغرب، وفي الحديث: "اللهُمَّ هذا إقْبالُ لَيْلِكَ، وإدبارُ نَهَارِكَ، وأصْوَاتُ دُعَاتِك، وحضورُ صَلَوَاتِك" (١). كما شُرِعَ ذكر الله بصلاة الفجر عند إدبار الليل وإقبال النَّهار.

ولهذا يُقْسِمُ - سبحانه - بهذين الوقتين كقوله ﷿: ﴿وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (٣٣) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ (٣٤)[المدثر: ٣٣، ٣٤]، وهو يقابل إقْسَامه بـ "الشَّفَق"، ونظير إقْسَامِه بالليل ﴿إِذَا عَسْعَسَ (١٧) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (١٨)[التكوير: ١٧، ١٨].

ولمَّا كان الرَّبُّ يُحْدِثُ عند كلِّ واحدٍ من طَرَفَي إقبال الليل والنَّهار وإدبارِهِما ما يُحْدِثُهُ، ويَبُثُّ من خلقه ما شاء، فينشر


(١) أخرجه: أبو داود في "سننه" رقم (٥٣٠)، والترمذي في "سننه" رقم (٣٥٨٩)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (١٠/ ٢٢٧)، وعبد بن حميد في "المنتخب" رقم (١٥٤١)، وأبو يعلى في "مسنده" رقم (٦٨٩٦)، والطبراني في "الكبير" (٢٣/ ٣٠٣)، والحاكم في "المستدرك" (١/ ١٩٩) رقم (٧٤١) وصححه ووافقه الذهبي؛ كلُّهم من طريق: أبي كثير مولى أُمِّ سلمة، عن أُمِّ سلمة قالت: علَّمني رسول الله أن أقول عند أذان المغرب … فذكرته، وفي آخره: "أسألك أن تغفر لي".
قال الترمذي: "حديث غريب"، وضعفه الألباني "ضعيف الترمذي" رقم (٧٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>