للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مقاتل: "تسبِقُ بأرواح المؤمنين إلى الجنَّة" (١).

وقال الفرَّاء، والزجَّاج: "هي الملائكة تسبق الشياطين بالوحي إلى الأنبياء إذ كانت الشياطين تسترق السمع" (٢).

وهذا القول خطأ لا يخفَى فسادُه؛ إذ يقتضي الاشتراك بين الملائكة والشياطين في إلقائهم الوحي، وأنَّ الملائكة تسبقهم به إلى الأنبياء، وهذا ليس بصحيح. فإنَّ الوحي (٣) الذي تأتي به الملائكة إلى الأنبياء لا تسترقه الشياطين، وهم معزولون عن سماعه وإن استرقوا بعض ما يسمعونه من ملائكة السماء الدنيا من أمور الحوادث، فالله - سبحانه - صَانَ وَحْيَهُ إلى أنبيائه أن تسترق الشياطينُ شيئًا منه، وَعَزَلَهم عن سمعه.

ولو أنَّ قائل هذا القول فسَّر "السَّابقات" بالملائكة التي تسبق الشياطين بالرَّجْم بالشُّهُب قبل إلقائه الكلمة التي استرقها لكان له وجهٌ، فإنَّ الشيطان يُدْبِرُ (٤) مسرعًا لإلقاء (٥) ما استرقه إلى وَليِّه، فتسبقه الملائكة في نزوله بالشُّهُب الثَّوَاقب فتُهْلِكُهُ، وربما ألقى الكلمةَ قبل إدراك الشِّهَاب له.

وفُسِّرت "السَّابقات سبقًا" بالأَنْفُس السابقات إلى طاعة الله - تعالى - ومرضاته.


(١) "تفسيره" (٣/ ٤٤٥).
(٢) "معاني الفرَّاء" (٣/ ٢٣٠)، و"معاني الزجَّاج" (٥/ ٢٧٨).
(٣) من قوله: "وأن الملائكة تسبقهم. . ." إلى هنا؛ ملحق بهامش (ن).
(٤) في (ن) و (ك) و (ح) و (م): يبدر.
(٥) في (م): بإلقائه، وفي باقي النسخ: بإلقاء. وما أثبته هو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>