للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأفعال والقُوَى، وحركاتُ الطبائع.

وفي الصيف يَحْتَدِمُ (١) الهواءُ، فَتَنْضُج الثمارُ، وتشتدُّ الحُبُوبُ، ويَجِفُّ وجهُ الأرض، فيتهيَّأ للعمل.

وفي الخريف يَصْفُو الهواءُ، وتبرد الحرارة، ويمتدُّ الليل، وتستريح الأرض والشجر للحملِ والنَّبَاتِ مرةً ثانيةً، بمنزلة راحة الحامل بين الحَمْلَين.

ففي هذه الأزمنة (٢) مَبْدَأٌ ومَعَادٌ مشهودٌ، وشاهِدٌ بالمبدأ والمَعَاد الغَيبِيِّ.

والمقصود أنَّ بحركة هذين النَّيِّرَيْن تتمُّ مصالح العالم، وبذلك يظهرُ الزَّمَانُ، فإنَّ الزَّمَانَ مقدارُ الحركة.

فـ "السَّنَةُ الشَّمْسيَّةُ" مقدارُ سير الشمس من نقطة "الحَمَل" (٣) إلى


(١) في جميع النسخ: يخدم، والصواب ما أثبته.
والاحتدام: شِدَّة الحرِّ، يقال: احتدم النَّهار؛ إذا اشتدَّ حَرُّهُ، ويومٌ مُحْتَدِمٌ: شديد الحَرِّ.
انظر: "أساس البلاغة" (١/ ١٦٠)، و"لسان العرب" (٣/ ٨٩).
(٢) سَهَا المؤلف عن فصل "الربيع"، وقد ذكره في "الصواعق المرسلة" (٤/ ١٥٧٠) على نسق كلامه هنا.
(٣) "الحَمَلُ": أحد بروج السماء، وعددها اثنا عشر برجًا عند العرب وجميع الأمم، وقد يسمى بـ "الكَبْش"، والشمس تقطع السماء في سنة كاملة، وتقيم في كل برجٍ شهرًا.
انظر: "الأنواء" لابن قتيبة (١٠٣، ١٢٠، ١٢٨)، و"الأنواء والأزمنة" لابن عاصم الثقفي (٢٤، ٣١ - ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>