ومَعْلَمٍ، أو يَخْسِفَها بمن عليها فإذا هي تَمُورُ؟
ومَن الذي أنشأ منها النَّوْعَ الإنسانيَّ الذي هو أبدعُ المخلوقات، وأحسنُ المصنوعات، بل أنشأ منها: آدمَ، ونوحًا، وإبراهيمَ، وموسى، وعيسى، ومحمدًا ﷺ وعليهم أجمعين -. وأنشأ منها أولياءَهُ، وأحبابَهُ، وعبادَهُ الصالحين؟
ومَنْ جعلها حافِظَةً لما استُودع فيها من المياه، والأرزاق، والمعادن، والحيوان؟
ومَنْ جعل بينها وبين الشمس والقمر هذا القَدْرَ من المسافة، فلو زادت على ذلك لَضَعُفَ تأثرها بحرارة الشمس ونور القمر؛ فتعطَّلَت المنفعةُ الواصِلةُ إلى الحيوان والنَّبَات بسبب ذلك. ولو زادت في القُرْب لاشتدَّت الحرارةُ والسُّخُونَةُ - كما نُشَاهده في الصيف - فاحترقت أبدانُ الحيوان والنَّبَات. وبالجُمْلَة؛ فكانت تَفُوتُ هذه الحكمة التي بها انتظامُ العالَم.
ومَن الذي جعل فيها الجَنَّات، والحدائقَ، والعيونَ؟.
ومَن الذي جعل باطِنَها بيوتًا للأموات، وظاهرَها بيوتًا للأحياء؟
ومَن الذي يُحْييها بعد موتها، فيُنْزِلُ عليها الماء من السماء، ثُمَّ يُرْسِلُ عليها الرِّياحَ، ويُطْلِعُ عليها الشمسَ، فتأخذ في الحَبَل، فإذا كان وقت الولادة مَخَضت للوضع، واهتزَّتْ ورَبَتْ (١)، وأنبتت من كلِّ زوجٍ بهيجٍ.