للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُهْلِكُ آخرين بالرِّيح، وآخرين بالصَّيحَةِ، وآخرين بالمَسْخِ، وآخرين بالحجارة، وآخرين بظُلَّةٍ من النَّار من فوقهم، وآخرين بالصواعق، وآخرين بأنواع أُخَر من العقوبات، وينْجُو دَاعِيهم وَمَنْ معه، والهالكون أضعافُ (١) أضعافهم عَدَدًا وقوةً ومَنَعَةً وأموالًا.

فَيَا لَكِ مِنْ آياتِ حَقٍّ لو اهتَدَى … بِهِنَّ مُرِيدُ الحَقِّ؛ كُنَّ هَوَادِيا

ولكنْ على تلك القلوب أَكِنَّةٌ … فليسَتْ - وإنْ أَصْغَتْ - تُجِيبُ المُنَادِيا

فَهَلَّا امتَنَعُوا - إنْ كانوا على الحقِّ، وهُمْ أكثرُ عَدَدًا، وأقوى شَوْكَةً - بقوَّتهم وعدَدِهم مِن بَأْسِ اللهِ وسلطانه، وهَلَّا اعتصمُوا من عقوبته، كما اعتصم مَنْ هو أضعفُ منهم من أتباع الرُّسُلِ؟

ومن الآيات التي في الأرضِ ما يُحْدِثُه فيها كلَّ وقتٍ ممَّا يُصَدِّق رُسُلَهُ فيما أخبرَتْ (٢) به، فلا تزال آياتُ الرُّسُلِ، وأعلامُ صِدْقِهم، وأدلَّةُ نُبوَّتهم يُحدِثُها الله في الأرض، إقامةً للحُجَّةِ على مَنْ لم يُشَاهِد تلك الآيات التي قارَبَت عَصْرَ الرسول، حتَّى كأنَّ أهلَ كلِّ قَرْنٍ يشاهدون ما يشاهده الأَوَّلُون أو نظيره (٣)، كما قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ [فصلت: ٥٣].

وهذه الإرَاءَةُ لا تختصُّ بقَرْنٍ دون قَرْنٍ، بل لا بدَّ ما يُري اللهُ - سبحانه - أهلَ كُلِّ قَرْنٍ من الآيات ما يبيِّنُ لهم أنَّه اللهُ الذي لا إله


(١) ساقط من (ز).
(٢) في (ز): أخبر.
(٣) في (ز) و (ن) و (ك) و (ح): لنظيره، وفي (ط): كنظيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>