للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرٌ، ولم يضيِّقهُ فلا يَدْخُلَه من الهواء ما يكفيه.

وجعل ذلك التجويفَ مستطيلًا؛ لينحصر فيه الهواء، وينكسر فيه (١) بَرْدُه وحِدَّته قبل أن يصل إلى "الدِّمَاغ"، فلولا ذلك لَصَدَمه بِحِدَّتِه وقوَّتِه.

والهواء الذي يَسْتَنْشِقُه "الأنفُ" ينقسم شَطْرين: شطرًا يصعد إلى "الدِّمَاغ"، وشطرًا ينزل إلى "الرئة".

وهو (٢) من آلات النُّطْق، فإنَّ له إعانةً على تقطيع الحروف.

وكما أنَّ تجويفَهُ جُعِلَ لاستنشاق الهواء، فإنَّه جُعل مَصَبًّا لفَضَلات "الدِّمَاغ"، تنحَدِرُ منه في تلك القَصَبَة، فتخرج، فيستريح "الدِّمَاغ".

ولذلك جَعَلَ عليها (٣) سِتْرًا ولم يجعلها بارِزةً فتستَقْبِحَها العيونُ.

وجُعل فيه تجويفَانِ، فإنَّه قد يَنْسَدُّ أحدُهما أو تَعْرِضُ له آفةٌ تمنَعُه من الإدراكِ والاستنشاقِ، فيبقى التجويف الثاني نائبًا عنه، يعمل عمله، كما اقتضت الحكمة مثل ذلك في "العَينيَن" و"الأُذُنين".

ثُمَّ تأمَّلْ الهواءَ الذي يستنشِقُه "الأنفُ"؛ كيف يدخل أوَّلًا من "المِنْخَرَين"، وينكسر بَرْدُه هناك، ثُمَّ يصل إلى "الحَلْق"، فيعتدل مِزَاجُه هناك، ثُمَّ يصل إلى "الرئة" أَلْطَفَ ما يكون، ثُمَّ تبعثُه "الرئةُ" إلى "القلب"، فيروِّحُ عن الحرارة الغَرِيزيَّة التي فيه، ثُمَّ يَنْفُذُ من "القلب" إلى


(١) ساقط من (ح) و (م).
(٢) بعده في جميع النسخ زيادة: أكثر، ولا مكان لها.
(٣) ساقط من (ز)

<<  <  ج: ص:  >  >>