الاخبار عليه إن القائل يقول: خير الأشياء كذا، لا يزيد بفضله في نفسه على جميع الأشياء، ولكن أنه خيرها في حال دون حال، ولو أحد دون آخر، كما قد يتضرر واحد بكلام من غير موضعه فيقول: ما شيء أفضل من السكوت، أي لا يحتاج إلى الكلام، ثم يتضرر بالسكوت. فيقول: ما شيء أفضل للمرء من أن يتكلم بما يعرفه. فيجوز هذا للإطلاق كما جاز للأول.
ويقول القائل: فلان أعقل الناس وأفضلهم، يريد أنه من أفضلهم وأعقلهم. وروى خياركم خيركم لأهله، بل يكون ذلك على معنى: أي من أحسن معاشرة أهله فهو أفضل الناس. وقيل: شراركم عزابكم أي من شراركم لأنه وإن كان صالحًا فإنه معرض نفسه للشر غير آمن من الفتنة. وإلا فالفساق شر منهم، وفي العزاب صالحون.
وروي: ما من شيء أحق بطول السجن ممن أشان، وقد يكون الفاسق المفسد أحق بذلك منه. وروي: ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق، ومعلوم أن الصلاة والجهاد أعلى منه. وروي: خياركم إليكم مناكب في الصلاة. وقد يوجد لين المنكب فيمن غيره أفضل نفسًا ودينًا منه. وإنما هو كلام عربي يطلق على الحال والوقت، على إلحاق الشيء المفضل بالأعمال الفاضلة على أنه أفضل من كذا وكذا، لا من كل شيء غيره. ويقال في المثل: أزهد الناس في العالم جيرانه، وقد يكون فيمن بعد عنه من هو أزهد، وأكذب الناس القريب. فيطلق على الغائب، وعلى معنى أن أولئك من أزهد الناس، وهذا من أكذبهم. وقد يحضر المسجد سباق ومسبوق، فيقال: خيركم السابق، ولعل في المسبوقين خير منه. ولكن المعنى: بيان ما في السبق من الفضل.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(خير الناس قرني ثم الذين يلونهم).فكان معنى ذلك أنهم في الجملة خير من غيرهم. وقد يوجد فيمن يخلف عنهم أفضل من بعضهم، إلا أن ذلك عند التفضيل. وعلى هذا ما يروى من جواب النبي صلى الله عليه وسلم عن العمل الذي يدخل الجنة، روي أنه قال للسائل (لا تغضب). وروي أنه قال لبعضهم: (أعني على