للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنها أجزاء الإيمان، وبعض جزء الشيء لا يستحق اسم الشيء نفسه، وفي هذه الآية تحقيق اسم الإيمان لكل جزء منها. فثبت أن القول يجعل كل طاعة جزءا من الإيمان، قول فاسد وبراعة أن هذا الرجل إما أن يكون في نهاية الغفلة أو في نهاية الإعجاب بنفسه لأنه يقول بالشيء ثم ينقضه في الحال نفسه ويحب بما فيه كثير قوله وهو لا يشعر قلبه بدأ كلامه لأن الآية سمت الزيادات إيمانا، فيقال له: ما هذه الزيادات أولا فإنك قد أثبتها، وفي جوابك الأول أحلتها، فهل هي إلا الطاعات التي يترادف، فكلما وجد منها شيء ازداد ما قبله، ثم قال: وعندكم أنها أجزاء الإيمان وبعض التي لا يستحق اسم الشيء ثم ينقص هذا على نفسه. فقال: وفي الآية تحقيق اسم الإيمان لكل جزء من أجزاء الإيمان. فما عذرك في رفع اسم الإيمان عن شيء حققته الآية؟ ثم رجع في هذا وقال: فثبت أن القول يجعل كل طاعة جزءا من الإيمان فاسد.

فيقال له: أليس زعمت أن الآية حققت اسم الإيمان لكل جزء من أجزائه، فأثبت تجزأ الإيمان، وأثبت اسم الإيمان لكل واحد من الأجزاء. فيكون القول بما حققته الآية فاسدا، وفي هذا ما أبان غفلته. ويقال له: إن بعض أجزاء الشيء قد يستحق اسم الشيء نفسه لأن كل القرآن قرآن، وكل سورة منها وكل كلمة وكل آية قرآن. فالطاعة طاعة وكل نوع منها طاعة، والعبادة عبادة وكل صنف منها عبادة. والسماء سماء وكل جزء منها سماء، والماء ماء وكل جزء منها ماء، والأرض أرض وكل جزء منها أرض. فمن أي استحال أن تكون شعب الإيمان إيمانا، وكل شعبة منها إيمانا، فتكون زيادة الطاعات زيادة إيمان.

قال الرجل: والإيمان عندهم اسم لاجتماع جميع الخيرات، وما جعل اسما للكل استحال وصفه بالزيادة، لأنه ليس وراء الكل شيء يتصل به، فيكون زيادة عليه.

فيقال: إن الإيمان اسم لجميع الخيرات: فرائضها ونوافلها وأنواعها منه. وليست بخارجة من الشعب البضع والسبعين ولا زيادة عليها، لأن المحدود في الشريعة لا سبيل لأحد إلى الزيادة عليه، ولكن هذا التوفيق يلحق هذه الشعب من قبل الوضع والشرع، فأما أفعالنا وأعمالنا وأداؤنا هذه الشعب فإنها قد تقل وتكثر، كما أنها قد توجد وقد تعدم، والشرع بحالة لا يتغير، فإذا جاز أن تكون هذه الشعب من حيث الشرع

<<  <  ج: ص:  >  >>