للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما أن حقه أن يعظم ويحيل أن يحتاج. والآخر الذي يهم بخيانته ينبغي له أن يتفكر في أنه لو جاء إليه فلا يلبث الخائن إلا يسيرًا حتى يعلم أمره فيفتضح ويهتك ستره، فيردعه العلم بذلك عن أن يخونه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية قال لهم: (اغزوا باسم الله، وقاتلوا من كفر بالله، ولا تغلوا، ولا تغدروا). فيكون أول ما ينهاهم عنه الغلول.

وقال أبو هريرة رضي الله عنه: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبًا فذكر الغلول بعظمه وعظم أمره، ثم قال: (أيها الناس، لا ألقين أحدكم يجيء يوم القيامة وعلى رقبته بقرة لها خروا، يقول: يا رسول الله، أغثني: فأقول: لا أملك شيئًا، قد بلغتك. ولا ألقين أحدكم يجيء يوم القيامة وعلى رقبته صامت فيقول: يا رسول الله، أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئًا قد بلغتك). وإنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم بما قال، بيان قوله عز وجل: {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة}

وروى أن رجلًا مات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هو في النار) فذهبوا ينظرون، فوجدوا عليه عباءة قد غلها).

قال زيد بن خالد الجهني إن رجلًا من المسلمين توفي بخيبر، فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أمره فقال: (صلوا على صاحبكم) فتغيرت وجوه القوم لذلك. فلما رأى الذي بهم قال: إن صاحبكم قد غل في سبيل الله، ففتشنا متاعه فوجدنا خرزًا من خرز اليهود ما يساوي درهمين. فقال الناس: هنيئًا له الجنة، فقال والذي نفسي بيده إن شملته لتحترقن عليه في النار غلها من المسلمين يوم خيبر، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله وجدت يومًا شراكين. فقال: (يقذفنك مثلهما من نار جهنم).

وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يركبن دابة من

<<  <  ج: ص:  >  >>