للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما عن الناس، فإنه لم يكن جعل لها في شيء في هذه النعم نصيبًا فبصرها على أقل الكفاية، وألزم نفسها ما تنزاح به عللها، فكان الناس لا شك أحسن حالًا وأوفر من نظر الله عز وجل حظًا وبالله التوفيق.

ومما أنعم الله تعالى على عباده أن جعلهم ينامون فيستريحون بالنوم من الإعياء وفطنت به نفوسهم، فقال عز وجل: {وجعلنا نومكم سباتًا} يعني راحة لأبدانكم ثم جعلهم ينبهون من نومهم إذا قضوا منه أوطارهم من غير أن يحتاجوا في ذلك إلى قيام من بعضهم على بعض، ويتوصل إليه بترفق، أو يقال: ليرجعوا مصالحهم وإكسابهم ومعائشهم، فيتمكنوا منها. وأرى كثيرًا منهم في المنام، كثير من الكوامن المستقبلية إما بأعيانهم، وإما بأمثال ضربها لها فيها وفرحوا منها لما سروا وشعروا ما سأقبل أن يكون فكانوا من وقوعه على استعداد. فلم يخل ذلك من أن يكون نظرًا منه عز وجل ورفقًا منه تعالى بهم. فإن المستعد لما هو نازل به من المكروه أحسن حالًا فيه من الجاهل العافص به، وكان من ذلك ما يتهيأ استقباله بما يدفعه، فكان الإعلام به واقعًا لهذا المعنى، فاقترن به التوصل إلى الخلاص، والتمكن من الدفاع. وكان من ذلك ما هو تعليم وإرشاد، فكان موقعه كموقع الخبر الواقع في حال اليقظة أو أكثر. وكل هذا رفق من الله عز وجل نظره، هو محبوب مرغوب فيه، وإلى مكروه منزه عنه.

فجاء في باب الاضطجاع عن عباد بن تميم عن عمه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبلًا في المسجد واضعًا إحدى رجليه على الأخرى.

وروى ذلك عن عمر وعثمان وأنس، كذلك عن الحسن والشعبي، ومنع المرأة أن تنام مستقبلة على ظهرها، رأى عمر بن عبد العزيز بنية كذلك فنهاها. والرجل من أن ينام على وجهه، رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا قد نام على بطنه فحركه برجله، وقال: (هذه ضجعة يبغضها الله).

وعن عمرو بن سويد أن أبغض الرقدة والضجعة إلى الله عز وجل أن يضجع الإنسان

<<  <  ج: ص:  >  >>